ها هنا: شدة الموت، وليس المراد بها: نفس الموت؛ لأن الموت يوصل المؤمن إلى رحمة الله تعالى ولقائه، فكيف يكره الله للعبد الموت الذي يوصله إلى رحمته؟! يعني: يكره المؤمنُ الموتَ، وأنا أكره له أيضًا شدةَ الموت، فأؤخِّر موته؛ يعني: لا أهلكه بما يلحقه أولًا من أسباب الموت من المرض والسقوط وغير ذلك، ولا بما يلحقه ثانيًا وثالثًا، بل أشفيه من الأمراض، وأحفظه من الهلاك، حتى يَكمُلَ له ما كُتِبَ من العمر.

وفي بعض الروايات بعد قوله: (وأنا أكره مساءته): "ولا بدَّ له منه"؛ يعني: وبعد تأخيرِ عمره ونجاته من الأمراض والمهلكات، لا بدَّ له من الموت، ولا يخلصُ منه، فإني قدَّرت لكلَّ نفسٍ الموتَ.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

1622 - وقال: "إنَّ للهِ ملائكةً يَطُوفونَ في الطُّرُقِ يلتمِسُونَ أهلَ الذِّكرِ، فإذا وَجَدُوا قَومًا يذكرونَ الله تَنَادَوا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكُمْ، قال: فَيَحُفُّونَهم بِأَجنِحَتِهم إلى السَّماء الدُّنيا، فإذا تَفَرَّقُوا عَرجُوا إلى السَّماءِ، قال: فيَسْألُهم الله وهو أَعلَمُ بهم: مِنْ أينَ جئتُم؟، فيقولونَ: جِئْنَا مِنْ عِندِ عِبادِكَ في الأَرضِ، قال: فيسألُهم ربُّهم وهو أَعْلَمُ بهم: ما يقولُ عبادي؟، قالوا: يُسَبحونَكَ، ويُكَبرُونَكَ، ويَحمدُونَكَ، ويُهَلِّلُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، قال: فيقول: هل رَأَوْنِي؟ قال: فيقولونَ: لا والله ما رَأَوْك، قال: فيقولُ: كيفَ لو رَأَوْنِي؟، قال: يقولونَ: لو رَأَوْكَ كانوا أَشَدَّ لكَ عِبادةً، وأشدَّ لكَ تَمْجيدًا، وأكثرَ لكَ تَسْبيحًا، قال: فيقولُ: فما يسأَلوني، قالوا: يَسألونَك الجنَّةَ، قال: وهل رَأَوْهَا؟، قال: فيقولونَ: لا والله يا ربِّ ما رَأَوْها، قال: يقولُ: فكيفَ لو رَأَوْهَا؟ قال: يقولونَ: لو أنَّهم رَأَوْها كانوا أشدَّ عليها حِرْصًا، وأشدَّ لها طَلَبًا، وأعظمَ فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015