قوله: "أو قطيعة رحم"؛ يعني: أو يدعو بالقطع بينه وبين أقاربه مثل أن يقول: اللهمَّ أبعدْ بيني وبين أبي أو أمي أو أخي، وما أشبه ذلك.
فإن هاتين الدعوتين - أعني: الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم - لا تقبل.
قوله: "ما لم يستعجل"؛ يعني: يُقبَل دعاؤه بشرط أن لا يستعجلَ.
قوله: "يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أرَ أن يستجاب لي"؛ يعني: يقول الداعي: دعوت مرة ومرتين وأكثر، ولم أر قَبولَ دعائي، فيملُّ من الدعاء، ويتركُ الدعاء، فمن كان له ملالةٌ من الدعاء لا يقبل دعاؤه؛ لأنَّ الدعاءَ عبادةٌ؛ حصلت الإجابة، أو لم تحصل، فلا ينبغي للمؤمن أن يملَّ من العبادة.
وتأخير الإجابة إما لأنه لم يأتِ وقته، فإن لكلِّ شيءٍ وقتًا مقدَّرًا في الأزل، فما لم يأتِ وقته لا يكون ذلك الشيء موجودًا، وإما لأنه لم يُقدَّر في الأزل قبول دعائه، وإذا لم يقبل دعاؤه يعطيه الله في الآخرة من الثواب عوضه، وإما يؤخَّر قبول دعائه؛ ليلحَّ ويبالغ في الدعاء، فإنه تعالى يحبُّ الإلحاحَ في الدعاء، فإذا كان تأخيرُ إجابة الدعاء لأحد هذه الأشياء، فلا ينبغي للمؤمنِ أن يتركَ الدعاء.
قوله: "فيستحسر"؛ أي: فيمل، (الاستحسار): الفتور والتعب.
قوله: "ويَدَعُ الدعاءَ"؛ أي: ويترك الدعاء.
روى هذا الحديث أبو هريرة.
* * *
1593 - وقال: "دَعوةُ المَرءِ المُسلمِ لأخِيهِ بظهْرِ الغَيْبِ مُسْتجَابَةٌ، عندَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لأخِيهِ بخَيْرٍ قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ به: آمينَ، ولكَ بمِثْلهِ".