شعرُ رأسه، ولا يدري سببَ مرضه، وانتهت حاله إلى أنه يظن شيئًا أنه فعلَهُ، ولم يفعلْهُ.

فبقيَ على هذه الحالة ثلاثةَ أيام، فكان يومًا نائمًا، فأتاه ملكان، فجلس أحدُهما عند رأسه، والآخرُ عند رجله، فقال الذي عند رجله للذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قال: طُبَّ. قال: وما طُبَّ؟ يعني: وأي شيء معنى طُبَّ؟ فقال: سُحِر؛ يعني: معنى طُبَّ سُحِر، قال: ومن سحَرهُ؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: فبم طَبَّه؟ قال: بمشط ومشاطة، قال: أين هو؟ قال: هو في جُفَّ طلعةٍ تحتَ راعوفةٍ في بئر ذَرْوانَ.

(في جُفَّ طَلْعةٍ)؛ أي: في قِشْرة طلعِ نخلةٍ.

(تحت راعوفة)؛ أي: تحت حجرِ الراعوفةِ الذي يكون في البئر، يقعدُ عليه الرجلُ؛ ليأخذ الماءَ من البئر.

وإنما قال الملكان هذا؛ ليعلمَ رسول الله - عليه السلام - ذلك، فعلم رسولُ الله عليه السلام؛ لأنَّ عينَهُ تنام وقلبُهُ لا ينام.

فلمَّا انتبهَ رسولُ الله عليه السلام، قال لعائشة: أما علمتِ أنَّ الله أخبرني بدائي، ثم بعثَ عليًا والزبير وعمار بن ياسر - رضي الله عنهم -، فنزحوا - أي: نزعوا - ماءَ تلك البئر، وماؤها كنُقاعةِ الحناء؛ يعني: كأنه أُلقِي فيها الحناء، فأخرجوا ذلك الجُفَّ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه، وإذا وترٌ معقودةٌ فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر.

فجاء جبريلُ لرسولِ الله عليه السلام بالمعوذتين، فقال جبريلُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ على هذه العُقَدِ هاتين السُّورتين، فقرأهما رسولُ الله عليه السلام، فكلَّما قرأ آية انحلت عقدة، ويجدُ رسولُ الله عليه السلام خفةً، وعددُ آيات هاتين السورتين إحدى عشرة، فلمَّا ختمَ السورتين انحلت جميعُ العقد، فوجدَ رسولُ الله - عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015