جالسًا عند النبي عليه السلام، فقال رسول الله - عليه السلام - بعد ذهاب السائل:

"أتعلم من كان هذا السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل عليه السلام" آتيكم؛ ليسأل مني ما تحتاجون إليه من أمر دينكم؛ لتسمعوا ما أجيبه وتحفظوه.

وفي قول عمر: (الله ورسوله أعلم) فائدةٌ، وهي: أنه إذا قال لك أستاذك أو أحد أعلم منك: أتعلم كذا؟ لا تقل: نعم أعلم؛ لأنك إذا قلت: نعم، فإن لم تكن تعلم ذلك الشيء وقلت: نعم، فقد كذبت، وربما تظن أنك تعلم، ولا يكون ذلك الشيء كما تعلم، فإذا قلت: نعم، فقد كذبت أيضًا، وإن كنت تعلم ذلك الشيء كما ينبغي وقلتَ: نعم أعلم، لم تكن في هذا الجواب كاذبًا، ولكن حُرِمت من بركة لفظ أستاذك، ومن فائدة تفيدك، فإنك إذا لم تقل: نعم، وطلبت منه أن يعلمك ذلك، فربما يصدر من لفظه في البحث أكثر مما تعلم، فتكون فيه فوائدُ:

أحدُها: ما سمعتَ من الزيادة.

والثانية: يقدر ذلك الشيء في قلبك؛ فإنه تكرار لك، بل ما تسمع من أحد يكون أشد ثباتًا في القلب مما ترى في كتاب وتقرأ.

والفائدة الثالثة: بركة صوت أستاذك أو غيره، فإن الفضلاء والصلحاء لهم بركةٌ عظيمة يتشرَّف ويتبرَّك كلُّ واحد بألفاظهم ومجالستهم، وكان عادةُ الصحابة - رضي الله عنهم - إذا قال رسول الله - عليه السلام - لأحد: أتعلم كذا؟ أن يقول: الله ورسوله أعلم.

وينبغي لغير الصحابة إذا قال له أستاذه أو أحد أعلم منه أو مثله: أتعلم كذا؟ أن يقول: الله أعلم، أو يقول: الله وأهل العلم أعلم.

وتقدير قول عمر: الله ورسوله أعلم؛ أي: أعلم من غيرهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015