وقوله عليه السلام: "أتاكم يعلمكم دينكم" يدُّل على أشياء:

أحدها: أن السؤالَ عن مسألة تعلم أن السامعين يحتاجون إليها مستحبٌّ اقتداءً بجبريل عليه السلام.

والثاني: أن العالم لا يجب عليه تعليمُ الناس إلا إذا سأله أحدٌ عن مسألة يحتاج إليها، أو رأى أحدًا يعمل أو يقول منهيًا، فيلزمه حينئذ تعليمه ما هو الحقُّ؛ لأن النبي - عليه السلام - لم يُعلِّم الصحابةَ ما سأل جبريل قبل سؤال جبريل.

وهذا إذا ظن العالم أن الحاضرين عنده والمترددين إليه يعلمون ما هو فرضٌ عليهم، أما إذا علم أنهم لا يعلمون ما هو فرضٌ عليهم، فيجب عليه أن يعلمهم الفرائض.

والثالث: أن الرجل إذا ظن أنه لم يجب عليه شيءٌ غير ما علم، لم يأثمْ بترك تعلم غير ما علم؛ لأن رسول الله - عليه السلام - ما عاب الصحابة وما نسبهم إلى الإثم بترك سؤالهم عما سأل جبريل قبل سؤال جبريل.

قوله: "رواه أبو هريرة"؛ أي: راوي هذا الحديث أبو هريرة أيضًا، كما رواه عمر - رضي الله عنه -، ولكن بينهما اختلاف في الألفاظ يأتي بعد هذا.

و (أبو هريرة): اسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي.

"وفي روايته: وأن ترى الحفاة العراة الصم البكم ملوكَ الأرض".

(الصم): جمع أصم، وهو الذي به صمم، وهو ثقل الأذن بحيث لا يسمعُ، أو يسمعُ قليلًا.

و (البكم): جمع أبكم وهو الأخرس.

والمراد بالصم والبكم ها هنا: أهل البادية الذين ليس لهم فصاحة، وتفهّم كأنهم صم من غاية عدم إدراكهم وتفهم الكلام، وكأنهم بكم من غاية قلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015