إلى جانبها وأعادوا ما كان لأيبك من قسوة وغلطة وجبروت، فضلاً عن أن وجود شجرة الدر يعتبر ضرورياً كرمز للشرعية، فهي أرملة نجم الدين أيوب وأم أبنه خليل، ولها من الأيادي على مصر وعلى المماليك انفسهم الشيء الكثير البادي للعيان ورأى البعض الآخر أنها قد ارتكبت جريمة مرعبة، وكاد الأمر أن يتطور إلى حرب بين الفريقين، وأخيراً انتصر أعداؤها وحُبست في أحد أبراج القلعة، ونودي بعلي، بن عز الدين أيبك السلطان الراحل، سلطاناً جديداً ليخلف والده الراحل ويحدثنا أحد المؤرخين أن شجرة الدر كانت قوية في مواجهة الموت كما كانت قوية في مواجهة المدلهمات، فلمّا ايقنت من نهايتها أسرعت إلى خزانتها واستخرجت حليها ومجوهراتها جميعاً، وسحقتها سحقاً حتى لا تتزين بها غريمتها أم على زوجة السلطان الأولى وفي هذه الرواية شك كبير كذلك؛ فكيف لشجرة الدر، وهي سجينة في برج بالقلعة أن تسرع إلى خزنتها وتستخرج حليها، ثم تسحقها جميعاً حتى لا تتزين بها غريمتها أم على كما يقول المؤرخ (?)؟

وفي خارج القصر هدأت الجموع التي أثارها انتشار النبأ ورضي الجيش بالسلطان الجديد بعد أن كان قد انقسم على نفسه بين مؤيد لشجرة الدر ومنكر لها، وتوقفت أعمال الشغب التي كانت قد انتشرت في القاهرة، وتجنّب أمراء المماليك شبح الفتنة التي كانت، تتهددهم، واقتيدت شجرة الدر إلى بلاط السلطان الجديد حيث كانت غريمتها أم على، زوجة أيبك الأولى قد أصبحت منها أم السلطان الجديد، وتمايلت أم علي فرحاً فكانت تنتظر فرصة كهذه منذ سبع سنوات، منذ أن هجرها زوجها أيبك وهجر معهما أبنهما علي. إن ساعة الإنتقام قد أزفت، وأمرت خادمات القصر بالدخول على شجرة الدر وضربها بالقباقيب حتى تفارق الحياة (?)، يقول المقريزي: فضربها الجواري بالقباقيب إلى أن ماتت، وألقوها من سور القلعة إلى الخندق، وليس عليها، سوى سروال وقميص، فبقيت في الخندق أياماً وأخذ بعض أراذل العامة تكة سراويلها ثم دفنت بعد أيام ـ وقد نتنت ـ وحملت في قفة، بتربتها (?)، قال عنها الذهبي: ودفنت بتربتها بقرب قبر السيدة نفيسة، وقيل: إنها أودعت أمولاً كثيرة فذهبت، وكانت حسنة السيرة، هناك لكن هلكت بالغيرة (?)، وقال ابن العماد فيها: كانت بارعة الحسن، ذات ذكاء وعقل ودهاء ... نالت من السعادة أعلى المراتب، بحيث أنها خُطِبَ لها على المنابر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015