كانت قد دبرت ما لم يكن في الحسبان إذ أرسلت سراً أحد المماليك العزيزية إلى الملك الناصر يوسف بهدية ورسالة تخبره فيها أنها عزمت على قتل أيبك والتزوج منه وتمليكه عرش مصر، ولكن الناصر أعرض عنها خوفاً أن يكون في الأمر خدعة، ولم يجبها بشيء وعلم بدر الدين لؤلؤ باخبار هذه المفاوضات السرية فبعث بها إلى أيبك ينصحه أن يأخذ حذره، وخاف أيبك على حياته فترك القلعة وأقام بمناظر اللوتي وصمم على قتل زوجته قبل أن تقضي عليه وأخذ الزوجان يتسابقان في نسج المؤامرات بعد القبض على البحرية في القاهرة، وانتهى السباق بانتصار المرأة في ميدانها، إذ أرسلت شجرة الدر إلى أيبك رسالة رقيقة تتلطف به وتدعوه بالحضور إليها بالقلعة، فاستجاب لدعوتها وصعد إلى القصر السلطاني بالقلعة حيث اعدت له شجرة الدر خمسة من الغلمان الأشداء لاغتياله، منهم محسن الجوجرى ونصر العزيزي، وسنجر وكان آخرهم من مماليك أقطاي (?)، وقد قام هؤلاء الغلمان بما أمروا به وقتلوه في الحمام في أبريل سنة 1257م،655هـ (?)، قال الذهبي عن السلطان المعز كان ديناً عاقلاً، كريماً، تاركاً للشرب (?).

حاولت شجرة الدر إخفاء واقعة القتل، وأمرت بتجهيز جثمان عز الدين أيبك بملابس لائقة ووضعه على فراشه، والإدعاء بأنه سقط من فوق جواده أثناء عدوه، وتسبب ذلك في إصابات أنهت حياته، وسرعان ما أنتشر نبأ وفاة السلطان وبدأ أمراء المماليك يتوافدون على القصر، وكانت شجرة الدر ما تفتأ تروي واقعة سقوطه من على ظهر جواده، لكنهم استمعوا إليها في ريبة، فقد شهد أيبك معارك كثيرة خاضها وهو يحارب من على ظهر جواده لكنها في كل مرة كانت تصر وتؤكد الواقعة (?)،

وأحيط بشجرة الدر، وواجها أمراء المماليك فلم يكن أمامها إلا أن تعترف بأنها أرادت الإنتقام، لكن لم يخطر ببالها أبداً أن ذلك سيؤدي إلى وفاته وتشاور أمراء المماليك فيما يصنعون، لقد وقفوا مع شجرة الدر بادئ الأمر، وصنعوا منها ملكة وسلطانة، وأحاطوها برعايتهم وحمايتهم، حتى في أصعب الأوقات، وباركوا زواجها من عز الدين أيبك، وساعدوها على أن تصبح زوجة السلطان، فكيف ترتكب هذه الفعلة النكراء؟ وتتنكر على هذا النحو البغيض على أنهم انقسموا على امرهم، وانحاز بعض الأمراء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015