سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي
وأموت مبتسماً ليحيا ديني (?)
إن الذين استطاعوا التصدي للمشاريع الغازية، وانتزاع المدن والقلاع والحصون من المغول والصليبيين هم الذين تميزوا بمشروعهم الإسلامي الصحيح، وعرفوا خطر المشاريع الباطنية الدخيلة فتصدوا لها بكل حزم وعزم، إن أية أمة تريد أن تنهض من كبوتها لا بد أن تحرك ذاكرتها التاريخية لتستخلص منها الدروس والعبر والسنن في حاضرها وتستشرق مستقبلها.
إن قراءة التاريخ تضيف للباحث والقائد والزعيم والملك والرئيس أعمار السابقين وأما الوعي بالتاريخ فإنه يوظف ثمرات هذه القراءة في تغيير الواقع، واستشراف المستقبل، ولذلك يستحيل التقدم وينعدم النهوض عند الذين لا يفقهون ولا يتعرفون على سنن الله وقوانينه وعبره وعظاته من خلال التاريخ.
إن النهوض بوجه عام يحتاج إلى سلاح القلم واللسان ولم ينجح مشروع نهضوي عبر التاريخ من غير أقلام قوية أو ألسنة تعبر عن قلوب صادقة تدعو إليه وتنشر مبادئه بين الناس وإيجاد الكتب النافعة في هذا المجال من الضرورات في عالم الحوار والجدال والصراع والممانعة والمطالبة بالحقوق، وهذا يدخل ضمن سنة التدافع في الأفكار والعقائد والثقافات والمناهج وهي تسبق التدافع السياسي والعسكري فأي برنامج سياسي توسعي طموح يحتاج لعقائد وأفكار وثقافة تدفعه، فالحرف هو الذي يلد السيف، واللسان هو الذي يلد السنان، والكتب هي التي تلد الكتائب، إن موسوعة الحروب الصليبية، والتي صدر منها كتاب السلاجقة وعصر الدولة الزنكية، وصلاح الدين الأيوبي، والحملات الصليبية الرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة وهذا الكتاب، قد أجابت عن الكثير من الأسئلة المطروحة على الساحة القطرية والإقليمية والعالمية، وهذه الحقبة من تاريخ الأمة تأتي شاهداً تاريخياً مقنعاً على أن الإسلام قادر في أية لحظة تتوافر فيها النية المخلصة، والإيمان الصادق، والإلتزام المسؤول، والذكاء الواعي واستيعاب فقه السنن والنهوض وقوانين الحضارات وبناء الدول على إعادة دوره الحضاري والقيادي، واخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.