يعاني من قصر النظر ومن أمراض النفوس، كحب الانتقام، والمكر بالمسلمين، ولم ينس خلافاته القديمة مع المملكة الخوارزمية وأراد أن يقوض أركان السلطان هناك، ناسياً أنهم بينه وبين التتار، وعمل على إذكاء وإشعال فتنة داخلية بين غياث الدين وخاله ((ايغان طائسي))، وكان رجلاً كبيراً وصاحب رأي في الحرب، يعمل أميراً في جيش غياث، وكان الأخير لا يقطع أمراً دون مشورته، فراسله الخليفة الناصر لدين الله، ورغبة في الانقلاب على غياث الدين وعظم له الاستيلاء على الملك، وبذلك يضمن الخليفة ولاء ايغان طائسي له، ويبعد غياث الدين عن الحكم، ولم يهمه تلك الفتنة التي ستدور في الأرض المجاورة له، والتي تعتبر العمق الاستراتيجي الهام له ونجح في مشروعه التآمري واندلعت الحرب بين غياث وخاله ودارت مجزرة بين المسلمين، وسقطت الأعداد الغفيرة من المسلمين قتلى بسيوف أخوانهم، وانهزم ايغان طائسي خال غياث الدين، وقتل من فريقه عدد ضخم، وأسر الباقون، وفر هو ومن بقي معه إلى أذربيجان ولا حول ولا قوة إلا بالله (?).
إن الخليفة العباسي لم يقم بواجبه في دعم المسلمين ضد المغول، بل كان معول هدم لمن تصدى للمقاومة، وهذا الخليفة ذمَّه المؤرخون وتناولوا أعماله وأخلاقه بالنقد اللاذع، يتحدث عنه المؤرخ ابن الأثير فيقول: وكان قبيح السيرة في رعيته، فتخُرب في أيامه العراق، وتفرَّق أهله في البلاد، وأخذ أملاكهم وأموالهم، وكان يفعل الشئ وضده، فمن ذلك أنه عمل دور الضيافة ببغداد ليفطر الناس عليها في رمضان فبقيت مدة، ثم قطع ذلك، ثم عمل دور الضيافة للحجاج، فبقيت مدة ثم أبطلها، وأطلق بعض المكوس التي جدَّدها ببغداد خاصة ثم أعادها، وجعل جُلَّ همه في رمي البندق والطيور المناسيب وسراويلات الفتوة، فأجابه الناس بالعراق وغيره إلى ذلك فكان غرام الخليفة بهذه الأشياء من أعجب الأمور (?). فكان هذا الخليفة خصماً للخوارزميين ولم يقف معهم في التصدي للمغول، بل عمل على إثارة الفتن داخل صفوف المسلمين، فكان ذلك من أسباب زوال الدولة الخوارزمية ولا شك أن اعتداءات الخوارزميين السابق على الخلافة ببغداد من أسباب ضعفهم وعدم الوقوف معهم.
10 ـ غياب العلماء: في تحقيق الأمة للانتصارات الكبرى نجد مكانة العلماء والفقهاء لدى الحكام وفي وجدان الشعوب واضحة المعالم، بل نلاحظ الكتابات عن أهمية الجهاد