وزالت هذه الدولة بزوال آخر شخصية خوارزمية من سلالة نوشتكين (?). مدح الذهبي جلال الدين منكبرتي وقال: السلطان الكبير جلال الدين منكوبرتي ابن السلطان الكبير علاء الدين محمد ابن السلطان خوارزمشاه الخوارزمي، تملك البلاد، ودانت له الأمم، وجرت له عجائب وعندي سيرته في مجلد ... كان جلال الدين أسمر تركياً قصير منعجم العبارة، يتكلم بالتركية، وبالفارسية، وأما شجاعته فحسبك ما وردته من وقعاته فكان أسداً ضرغاماً وأشجع فرسانه إقداماً لا غضوباً ولا شتاماً وقوراً، لا يضحك إلا تبسماً، ولا يكثر كلاماً، وكان يختار العدل غيرأنه صادف أيام الفتنة فغلب وجرت له أمور يطول شرحها ما بين ارتقاء وانخفاض، وهابته التتار ولولاه لداسوا الدنيا وقد ذهب إليه محي الدين بن الجوزي رسولاً وجده يقرأ في مصحف ويبكي، ثم اعتذر عما يفعله جنده بكثرتهم، وعدم طاعتهم (?).
استطاع غياث الدين أخو جلال الدين أن يتملك منطقة شمال إيران نتيجة الفراغ النسبي الذي تركه التتار في هذه المنطقة وسيطر على مدن الري وأصفهان، ووصلت سيطرته إلى إقليم كرمان في جنوب إيران، وأصبحت سيطرة غياث الدين بن خوارزمشاه على مناطق شمال وغرب وجنوب إيران، أما المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من إيران وهي إقليم خراسان بكامله، فكانت تحت السيطرة التترية، وبذلك يصبح غياث الدين بمثابة حائط صد بين التتار والخلافة العباسية، وكان ذلك في الفترة التي انقطع فيها جلال الدين في الهند.
كان من المتوقع من الناصر لدين الله الخليفة العباسي في ذلك الوقت أن يساعد غياث الدين في تثبيت سيطرته على هذه المناطق، وكان المفروض عليه أن يتناسى الخلافات القديمة بينه وبين مملكة خوارزم، وذلك لأنهم الآن يواجهون عدواً مشتركاً وهم المغول، كان ذلك فرض الوقت عليه، إن لم يكن بسبب دوافع الدين والأخوة والنصرة للمسلمين، فليكن بسبب الأبعاد الاستراتيجية الهامة وراء تثبيت قدم غياث الدين في هذه المنطقة، ذلك لأن غياث الدين هو الذي يقف مباشرة في مواجهة التتار ويُعتبر البوابة الشرقية للخلافة العباسية في بغداد وإن استطاع التتار أن يقهروا غياث الدين فستكون المرحلة الثانية هي الخلافة العباسية، لكن الخليفة العباسي الناصر لدين الله لم يكن يدرك كل هذه الأبعاد (?)، لقد كان