في الخارج، ويكون حلفاً إسلامياً يقف به في وجه المغول، وكان يجب عليه أيضاً أن يعمل على كسب محبة رعيته حتى يضمن ولاء الأهالي إذا ما ظهر الخطر المغولي من جديد، ولكن على العكس من ذلك نراه لا يترك قوة من القوى الموجودة في ذلك الوقت إلا ناصبها العداء، خارج دولته وداخلها، ففي الخارج اعتدى على أملاك الخليفة، وأملاك الأمراء المسلمين في بلاد ما بين النهرين، كما غزا أذربيجان وجورجيا وأذل أهليهما لسلطانه، وناصب طائفة الإسماعيلية العداء فألبت عليه أعداءه وشجعت المغول على إعادة غزو أراضي الدولة الخوارزمية (?)،
وقد وصف ابن الأثير سياسة جلال الدين منكبرتي الخارجية منذ ظهوره على المسرح التاريخي من جديد، وصفاً يعبر تعبيراً صحيحاً عما جلبته عليه هذه السياسة من أضرار، فقال: وكان جلال الدين سيء السيرة، قبيح التدبير لملكه، لم يترك أحداً من الملوك المجاورين له إلا عاده ونازعه الملك وأساء مجاورته، فمن ذلك أنه أول ما ظهر في أصفهان وجمع العساكر قصد خوزستان، فحصر مدينة شسشتر وهي للخليفة فحصرها وسار إلى دقوقا فنهبها وقتل فيها، فأكثر وهي للخليفة أيضا، ثم ملك أذربيجان وهي لأوزبك فملكها وقصد الكرج ((جورجيا)) وهزمهم وعاداهم ثم عاد الملك الأشرف صاحب أخلاط، ثم عاد علاء الدين صاحب بلاد الروم، وعاد الإسماعيلية، ونهب بلادهم وقتل فيهم، فأكثر وقرر عليهم وظيفة من المال كل سنة، كذلك غيرهم فكل من الملوك تخلى عنه ولم يأخذ بيده (?)، وهكذا كان من أثر عداوة جلال الدين لهذه القوى المحيطة بدولته أنها رفضت أن تمد له يد المساعدة، عندما داهمه المغول بغزوهم المفاجئ (?). وأما في الداخل فنرى جلال الدين يحاول أن يكون الحاكم المستبد في دولته، فانقض عنه اخوة غياث الدين تتبعه قوة كبيرة من رجال جيشه في الوقت الذي كان يتحتم عليه، يستفيد بمجهود كل رجل في دولته كذلك نرى كبار رجال الدولة ينفضون من حوله يحيطونه بشبكة من الدسائس والمؤامرات، ويشعلون عليه نيران الثورة في البلاد الخاضعة، كما حدث في أذربيجان (?).
ولم يهتم جلال الدين بتكوين جيش يستطيع أن يواجه به العدو المغولي إلا عندما دقت الساعة وظهر المغول فجأة في الميدان فأخذوه على حين غرة قبل أن يتمكن من إصلاح شئونه الداخلية و الخارجية، فكانت النتيجة أن اكتسح المغول الدولة الخوارزمية من جديد سنة 628هـ /1231م،