متخوفاً من المغول، الذين هددوه بالرسائل وذكروه بما حدث لبغداد وخليفتها وجاء في رسائلهم للسلطان الناصر: ... واستحضرنا خليفتها وسألناه عن كلمات فكذب فواقعه الندم واستوجب منا العدم وكان قد جمع ذخائر نفيسة وكانت نفسه خسيسة، فجمع المال ولم يعبأ بالرجال وكان قد نمى ذكره وعظم قدره ونحن نعوذ بالله من التمام والكمال:
إذا تم أمر دنا نقصه
توقّ زوالاً إذا قيل تم
إذا كنت في نعمة فارْعها
فإن المعاصي تُزيل النعم
وكم من فتى بات في نعمة
فلم يدر بالموت حتى هجم
إذا وقفت على كتابي هذا فسارع برجالك وأموالك وفرسانك إلى طاعة سلطان الأرض، ملك الملوك على وجه الأرض، تأمن شره، وتنل خيره، كما قال تعالى في كتابه العزيز:"وأن ليس للانسان إلا ما سعى* وأن سعيه سوف يرى* ثم يجزاه الجزاء الأوفى". ولا تعوق رسلنا عندك، كما عوقت رسلنا من قبل "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". وقد بلغنا تجار الشام وغيرهم انهزموا إلى كروان سراي (?)، فإن كانوا في الجبال نسفنها وإن كانوا في الأرض خسفناها.
هذه طرق من الحرب النفسية التي كان المغول يشنونها ضد أعدائهم. واستمر المغول في هجومهم على ديار المسلمين وسقطت حلب وسلمت دمشق وسيطر المغول على بلاد الشام وكانوا شديدي الوطأة على المسلمين، فبادروا إلى تدمير الاستحكامات والأسوار والقلاع في البلاد التي خضعت لهم مثل حلب ودمشق وحمص وحماة وبعلبك وبانياس وغيرها، وحققوا بذلك ما لم يستطع تحقيقه الصليبيون من قبل، ولقد مال المغول منذ اللحظة الأولى لغزوهم للشرق الأدنى إلى العنصر المسيحي النسطوري. وأصبح الملك الناصر مسلوب الإرادة مرعوباً ليس له رأي ووقع أخيراً في أسر هولاكو الذي قام بقتله فيما بعد عند سماعه لهزيمة المغول في عين جالوت.
كان من نتائج سقوط بلاد الشام في أيدي المغول وحلفائهم أن عم الرعب والخوف سائر أرجائها، فهرب الناس، باتجاه الأراضي المصرية وكانت القيادة الإسلامية بمصر تستقبل