ورواية ابن ماجه: "فَسَلُوني الهدى أَهدِكُم" (?). ويَتَجَدَّدُ الشُّكر كُلَّمَا ازدادَ هُدى، ولو هداهُ مِن قَبل أَنْ يسأله لهُ لَمَا قال: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78].

وهذا الحديث حُجَّةٌ لأهل الحقِّ: أن الهدى والضلال خَلْقه [وفِعْلهُ يختصُّ بما شاء منهما مَن شاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وأنَّ ذلِكَ] (?) لا قُدْرَةَ لِغَيْرِهِ عليه، قال تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31] وقال: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43]، وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30]، وقال: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)} [يونس: 25] فَعَمَّ بالدَّعوَةِ، وخَصَّ بالهِدَايةِ مَن سَبَقَتْ لَهُ العِنَايَةُ.

ثالِثُها: قوله: "كلُّكُمْ جَائِعٌ ... " إلى آخره، أي: النَّاسُ عَبِيدٌ، ومِنْ شأْنِ العبدِ عَدَمُ المُلْكِ، وخَزَائِنُ الرِّزقِ بِيَدِ المَوْلَى؛ فَمَنْ لَا يُطْعِمُهُ بِفَضْلِهِ بقِيَ جائعًا بعَدْلِهِ، إذْ ليسَ عليه إطعامُ عَبْدِهِ، وَأَمَّا قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] فالتِزَامٌ بِفَضْلٍ، لَا أَنَّ علْفةَ الدَّابَّةِ (?) حَقّ بالأَصَالَةِ، وَشِبْهُ هذا قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 17] الآية، أي: تَفَضُّلًا مِنهُ لَا إِلزَامًا، والإِطْعَامُ إمَّا: بِسَوْقِ الرِّزقِ، أَو تَسْهيل الآلةِ المُتَنَاوِلَةِ لَهُ.

وفي بعض كُتُبِ الحِكمَةِ: أَنَّ عيسى -صلوات الله وسلامه عليه، وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015