يُوقِع بمَن ظَلَم إلَّا انتصارًا مِنهُ لِمَنْ كان ظَلَم، وليَعْلَم العِبَادُ أَنَّ مِن ورَاءِ الظَّالِمِينَ طَالبًا لا يُرَدُّ بأسُهُ، وهذا كذلك إلَّا أَنَّ ممن وراءِ هذا إِيضَاحًا آخر لَوْلاهُ لم يَكن يُمهَلُ ظالم في الأرض فُوَاقَ ناقةٍ، وتلكَ الحالة أنَّ الخلقَ كلِّهم عبيدٌ لهُ ومُلْكٌ؛ فإذا ظَلَمَ بعضهم بعضًا فالمظلوم لا يستحقُّ على الظالم إلَّا أن يُمَكِّنه سيِّدُهُ، إذْ مَن جَنَى على عبدٍ جِنَايَةً فالحاكم فيها سَيِّدُهُ، فالخلق كلهم لله يحكم أُرُوش (?) جِنَايَتهم حقوقه؛ فَلَهُ أَنْ يُمْهِلَ وأن يَقْتَصَّ.

ثانيها: قوله: "كُلُّكُم ضَالٌّ إلَّا مَن هَديت" هذا كقولِهِ تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الأعراف: 178] وإيضَاحُهُ أنَّهُ -تعالى- خَلَقَ للنَّفْسِ قوَاها وطباعها (?) ومَن أَرصَدَ لها مِن الأهواء والشياطين مائِلةٌ إلى الضَّلال، فمن أَرادَ ضَلاله أَرْسَلَهُ على سَجِيَّتهِ وتَخَلَّى عنه، ومَن أَرَادَ هِدَايَتَهُ عارَضَهُ بأَسبَاب الهُدَى فَصَدَّه عن (?) الضَّلالِ فاهتَدَى، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25].

ومعنى "فاسْتَهدُوني": [سلوني] (?) الهداية، واعتقِدُوا أَنَّهَا لا تكونُ إلَّا مِن فَضْلِي وبِأَمْرِي "أَهدِكُم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015