وأما ما زاد على النصاب في الورِق ففيه خلاف: أبو حنيفة جعله كالماشية، ومالك جعله كالحب. وأما ما دون النصاب في الحب فأبو حنيفة يوجب فيه الزكاة، ونحن نخالف. ويحتج لأبي حنيفة بقوله عليه السلام: "فيما سَقَتِ السماءُ العُشُر" ويحتج عليه بالأحاديث التي فيها التقييد بالنُّصُب. والمطلق يُرَدّ إلى المقيّد إذا كان في معنى واحد بلا خلاف. وله أيضا عموم قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (?). ولنا في مقابلة العموم حديث الأوسق.

وفي تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد خلاف بين الأصوليين. قال بعض العلماء: في حديث الأوسق إشارة إلَى أن لا زكاة في الخضر إذ ليست مما يكال.

وقال بعضهم أيضاً: إنه ظهر من حسن ترتيب الشريعة التدريج في المأخوذ من المال الذي يزكى بالجزء على حسب التعب فيه؛ فأعلى ما يؤخذ الخمس مما وجد من مال الجاهلية ولا تعب في ذلك. ثم ما فيه التعب من طرف واحد يؤخذ فيه نصف الخمس، وهو العشر فيما سَقَتِ السماء والعيون، وفيما سُقي بالنضح فكان فيه التعب في الطرفين يؤخذ فيه ربع الخمس، وهو نصف العشر، وما فيه التعب في جميع الحول كالعين يؤخذ فيه ثمن ذلك وهو ربع العشر، فالمأخوذ إذًا الخمس، ونصفه، وربعه، وثمنه.

وأما الوسق فهو ستون صاعاً بصاع النبيء - صلى الله عليه وسلم -، وهو خمسة أرطال وثلث. والوسق على هذا الحساب مائة وستون مَنَّا. قال شمر: كل شيء حَمَلْتَه فقد وسقته. يقال: ما أفعل كذا ما وسقت عَيْنٌ المَاءَ، أي حملته.

وقال غيره: الوسق ضَمُّك الشيء إلى الشيء بعضه إلى بعض. ومنه قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015