قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ:
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِالْعِرَاقِ، وَصَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ بِخُرَاسَانَ، وَزَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ بِالْيَمَنِ- قَالَ: حَجَّ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ [1]- وَأَنَا بِمَكَّةَ-، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْفَظَ لِلْحَدِيثِ الطَّوِيلِ وَأَحَادِيثِ الْمَلَاحِمِ مِنْهُ، وَكَانَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ يَكْتُبُونَ وَيَطْلُبُونَ الْآرَاءَ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَ الْوَلِيدَ عَنِ الرَّأْيِ وَلَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ.
قَالَ: ثُمَّ حَجَّ عَلَيْنَا- وَأَنَا بِمَكَّةَ- وَإِذَا هُوَ قَدْ حَفِظَ الْأَبْوَابَ، وَإِذَا الرَّجُلُ حَافِظٌ مُتْقِنٌ قَدْ حَفِظَ. قَالَ: وَكَانَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ أَنْكَرَ طَلَبَ الْآرَاءِ وَتَرْكَهُمُ الْإِسْنَادَ وَالْأَحَادِيثَ الْعَالِيَةَ. قَالَ: فَجَعَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَسْأَلُونَهُ [2] عَنِ الْإِسْنَادِ وَالْأَحَادِيثِ الْعَالِيَةِ، فقال: ما أعجب أمركم كلما سألتمونا عَنْ نَوْعٍ مِنَ الْعِلْمِ وَنَظَرْنَا فِيهِ نَقَلْتُمُونَا إِلَى نَوْعٍ غَيْرِهِ! إِنْ بَقِينَا وَحَجَجْنَا أَتَيْتُكُمْ مِنْ هَذَا بِمَا تَبْغُونَ- مِثْلَ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ-.
قَالَ: فَصَدَرَ وَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى دِمَشْقَ.
حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ لَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: إِنْ تَرَكْتُمُونِي حَدَّثْتُكُمْ عَنْ ثِقَاتِ شُيُوخِنَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَسَلُوا نُحَدِّثْكُمْ بِمَا تَسْأَلُونَ [3] .
وَسَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ يَقُولُ: جِئْتُ فِي يَوْمِ الصُّدُورِ وَالْوَلِيدُ فِي مَسْجِدِ