مِنًى وَعَلَيَهِ زِحَامٌ كَثِيرٌ، وَجِئْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ، وَدَفَعْتُ بِالْبَعِيرِ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ يُجِيبُهُ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَ وَيُحَدِّثُهُمْ وَلَا أَفْهَمُ. قَالَ: فَجَمَعْتُ جَمَاعَةً مِنَ الْكَثِيرِ وَقُلْتُ لَهُمْ جَلِّبُوا [1] وَأَفْسِدُوا عَلَى مَنْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ. قَالَ: فَجَعَلُوا يَصِيحُونُ وَيُجَلِّبُونَ وَيَقُولُونَ: أَلَا نَسْمَعُ؟. وَجَعَلَ عَلِيٌّ يَقُولُ: اسْكُتُوا نُسْمِعْكُمْ. قَالَ: فَاعْتَرَضْتُ وَصِحْتُ، وَلَمْ أَكُنْ حلقت بعد من الشعر (133 أ) . قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ عَلِيٌّ وَلَمْ يُثْبِتْنِي قَالَ [2] : لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَمْ يَكُنْ شَعْرُكَ عَلَى مَا أَرَى. قَالَ: فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يُحَدِّثْهُمْ بِشَيْءٍ.

وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمُنْذِرِ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَجَاءَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فَقَالَ: أَوَّلَ شَيْءٍ أَطْلُبُ أَخْرُجُ إِلَى حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أُمٍّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَأَيْنَ سَمَاعِي مِنْ سَمَاعِكَ؟ فَجَعَلْتُ آبَى وَيُلِحُّ، فَقُلْتُ:

أَخْبِرْنِي إِلْحَاحَكَ هَذَا مَا هُوَ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ الْوَلِيدُ رَجُلُ الشَّامِ، وَعِنْدَهُ عِلْمٌ كَثِيرٌ، وَلَمْ أَسْتَمْكِنْ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ بِالْمَدِينَةِ فِي الْمَوَاسِمِ، وَتَقَعُ عِنْدَكُمُ الْفَوَائِدُ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يَجْتَمِعُونَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ آفَاقٍ شَتَّى، فَيَكُونُ مَعَ هَذَا بَعْضُ فَوَائِدِهِ وَمَعَ هَذَا بَعْضٌ. قَالَ: فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ فَتَعَجَّبَ مِنْ كِتَابَتِهِ، كَادَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى الْوَجْهِ [3] .

«وَسَأَلْتُ هِشَامَ بْنَ عَمَّارٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ؟ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْعَبَّاسِ كَانَ وَكَانَ، وَجَعَلَ يَذْكُرُ فَضْلَهُ وَعِلْمَهُ وورعه وتواضعه» [4] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015