واسأل هنالك هل عيني تُذكِّرني ... إلفًا تذكُّره أمسى يُعنِّينَا1
ويا نسيمَ الصَّبَا بلغ تحيتنا ... من لو على البعد حيًّا كان يُحْيينَا
من لا يرى الدهر يَقضينا مُساعَفَةً ... فيه, وإن لم يكن عنا يُقاضينَا2
وبيت ملك كأن الله أنشأه ... مسكًا, وقد أنشأ الله الوَرَى طينَا3
أو صاغه وَرِقًا محضًا وتَوَّجه ... من ناصع التِّبْرِ إبداعًا وتحسينَا4
إذا تأوَّد آدَته رفاهيةٌ ... تُدمي العقول وأدمته البُرَى لِينَا5
كأنما نبتت في صحن وَجْنَته ... زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينَا
ما ضر أن لم نكن أكفاءَهُ شرفًا ... وفي المودة كافٍ من تكافينَا6
ولا تحسَبوا نأيكم عنا يغيرنا ... إذ طال ما غيَّر النأْيُ المحبينَا7
والله ما طلبت أهواؤُنا بدلًا ... منكم ولا أنصرفت عنكم أمانينَا
ولا استفدنا خليلًا عنك يَشغَلنا ... ولا اتخذنا بديلًا منك يُسلينَا
يا روضةً طال ما أجنت لواحظنا ... وردًا جناه الصِّبا غضًّا ونَسْرينَا8
ويا حياةً تملَّأْنا بزهرتها ... مُنًى ضُروبًا ولذَّاتٍ أفانينَا9
ويا نعيمًا حضرنا من غضارته ... في وَشْيِ نُعمى سحبنا ذيلها حينَا10
لسنا نسميكِ إجلالًا وتَكْرمةً ... فقدرك المعتلي عن ذاك يُغنينَا
إذِ انفردتِ فما شُوركتِ في صفة ... فحسْبُكِ الوصف إيضاحًا وتبيينًا
يا جنةَ الخلدِ أُبدلنا بسَلْسلها ... والكوثرِ العذبِ زُقُّومًا وغِسْلِينَا11