وأما أحوال الحسنيين، فإنه لما قتل يحيى بن علي -كما ذكرنا- لسبع خلون من المحرم سنة 427 -رجع أبو جعفر بن أحمد بن موسى المعروف بـ ابن بَقَنَّة، ونجا الخادم الصقلبي، وهما مدبرا دولة الحسنيين، فأتيا مالقة، وهي دار مملكتهم، فخاطبا أخاه إدريس بن علي، وكان بسبتة، وكان يملك معها طنجة، واستدعياه، فأتى مالقة، وبايعاه بالخلافة على أن يجعل حسن بن يحيى المقتول مكانه بسبتة؛ ولم يبايعا واحدًا من ابنيْ يحيى، وهما إدريس وحسن؛ لصغرهما. فأجابهما إلى ذلك، ونهض نجا مع حسن هذا إلى سبتة وطنجة، وكان حسن أصغر ابني يحيى ولكنه أسدهما رأيًا1.
وتلقب إدريس بـ المتأيد، فبقي كذلك إلى سنة 30 أو31، فتحركت فتنة، وحدث للقاضي أبي القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد2 صاحب إشبيلية أمل في التغلب على تلك البلاد، فأخرج ابنه إسماعيل في عسكر مع من أجابه من قبائل البربر، ونهض إلى قرمونة فحاصرها، ثم نهض إلى حصن يدعى أَشُونة، وحصن آخر يدعى إِسْتِجَة، فأخذهما؛ وكانا بيد محمد بن عبد الله، رجل من قواد البربر من بنى برزال؛ فاستصرخ محمد بن عبد الله إدريس بن علي الحسني وقبائل صَنْهَاجة، فأمده صاحب صنهاجة بنفسه، وأمده إدريس بعسكر يقوده ابن بقنة أحمد بن موسى مدبر دولته؛ فاجتمعوا مع محمد بن عبد الله. ثم غلبت عليهم هيبة إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن عباد، قائد عسكر أبيه القاضي أبي القاسم، فافترقوا، وانصرف كل واحد منهم إلى بلده. فبلغ ذلك إسماعيل بن محمد، فقوي