وكان أبو الحزم هذا يشهد الجنائز ويعود المرضى، جاريًا على طريقة الصالحين، وهو مع ذلك يدبر الأمور تدبير الملوك المتغلبين. وكان آمنًا وادعًا، وقرطبة في أيامه حرمًا يأمن فيه كل خائف.
واستمر أمره على ذلك إلى أن مات في غرة صفر سنة 435، فكانت مدة تدبيره منذ استولى إلى أن مات أربع عشرة سنة وأشهرًا.
ثم ولي ما كان يتولى من أمر قرطبة بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور، فجرى في السياسة وحسن التدبير على سنن أبيه، غير مخل بشيء من ذلك، إلى أن مات أبو الوليد المذكور في سِلخ شوال من سنة 443.
فغلب عليها بعد أمور جرت، الأمير الملقب بالمأمون بن ذي النون صاحب طليطلة، فدبرها مدة يسيرة إلى أن مات.
وخلف فيها بعده من البربر رجل يعرف بـ ابن عكاشة، أظن اسمه موسى؛ فكان بها إلى أن غلبه عليها وأخرجه منها الأمير الظافر بحول الله أبو القاسم محمد بن عباد على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
فهذا آخر أخبار قرطبة وكونها دارًا للملك.
وبعد غلبة المعتمد عليها صارت تبعًا لإشبيلية.