أمله، ونهض بعسكره قاصدًا طريق صاحب صنهاجة، وقدر صاحب صنهاجة أنه سيلحقه، فوجه إلى ابن بقنة يسترجعه، وإنما كان فارقه قبل ذلك بساعة، فرجع إليه، والتقت العساكر؛ فما كان إلا أن تراءى الجمعان، فولى عسكر ابن عباد منهزمًا، وأسلموا إسماعيل، فكان أول مقتول، وحمل رأسه إلى إدريس بن علي الحسني.

وقد كان إدريس استشعر بالهلاك، فنزل عن مالقة إلى جبل بُبَاشتر، وهو الذي قام فيه ابن حَفْصُون المتقدم الذكر1، فتحصن به وهو مريض مُدْنَف، فلم يعش إلا يومين ومات، وترك من الولد يحيى -قتل بعده- ومحمدًا الملقب بالمهدي، وحسنًا المتلقب بـ السامي. وكان له ابن هو أكبر بنيه اسمه علي، مات في حياة أبيه. وترك ابنًا اسمه عبد الله، أخرجه عمه2 ونفاه لما ولي.

وقد كان يحيى بن علي المذكور قبلُ قد اعتقل ابني عمه محمدًا والحسن ابني القاسم بن حمود بالجزيرة، وكان الموكل بهما رجلًا من المغاربة يعرف بأبي الحجاج، فحين وصل إليه خبر قتل يحيى، جمع من كان في الجزيرة من المغاربة والسودان، وأخرج محمدًا والحسن، وقال: هذان سيداكم! فسارع أجمعهم إلى الطاعة لهما؛ لشدة ميل أبيهما إلى السودان قديمًا وإيثاره لهم. وانفرد محمد بالأمر دون الحسن، وملك الجزيرة، إلا أنه لم يتسمَّ بالخلافة، وبقي معه أخوه الحسن مدة، إلى أن حدث له رأي في التنسك، فلبس الصوف وتبرأ من الدنيا، وخرج إلى الحج مع أخته فاطمة بنت القاسم، زوجة يحيى بن على المعتلي.

فلما مات إدريس كما تقدم، رام ابن بقنة أحمد بن موسى ضبط الأمر لولده يحيى بن إدريس المعروف بـ حيون، ثم لم يجسر على ذلك الجَسْرَ التام، وتحير وتردد.

ولما وصل خبر قتل إسماعيل بن عباد، وموت إدريس بن علي إلى نجا الخادم الصقلبي، وكان بسبتة، استخلف عليها من وثق به من الصقالبة، وركب البحر هو وحسن بن يحيى إلى مالقة، ليرتب الأمر له؛ فلما وصلا إلى مرسى مالقة، خارت قوى ابن بقنة وهرب إلى حصن كمارش، على ثمانية عشر ميلًا من مالقة.

ودخل حسن ونجا مالقة، واجتمع إليهما من بها من البربر، فبايعوا حسن بن يحيى بالخلافة، وتسمى بـ المستعلي، ثم خاطب ابن بقنة وأمنه، فلما رجع إليه قبض عليه وقتله، وقتل ابن عمه يحيى بن إدريس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015