تُدني الحمامةُ منها, وهي لاهيةٌ
من يانع المُرْد قِنْوان العناقيدِ1
فقالوا: هي الحمامة، تنزل على غصن الأراكة أو الكَرْمة فتنفضه فتتمكن الظبية منه فترعاه. فأنكر ذلك عليهم صاعد وقال: إن الحمامة في هذا البيت هي المرآة، وهي اسم من أسمائها؛ فأراد أن هذه الجارية المشبهة بالظبية إذا نظرت في المرآة أدنت المرآة منها في المنظر شعرها الذي هو كقنوان العناقيد من يانع الكرْم أو المُرْد، فرأته.
ومن عجائب الدنيا التي لا يكاد يتفق مثلها، أن صاعد بن الحسن اللغوي هذا أهدى إلى المنصور أبي عامر أُيَّلًا2, وكتب معه بهذه الأبيات: من الكامل
يا حِرْزَ كل مُخوَّف، وأمان كـ ... ـل مشرد، ومعز كل مذللِ3
جدواك إن تخصُصْ به فلأهله ... وتعم بالإحسان كل مؤمِّلِ4
كالغيث طَبَّق فاستوى في وَبْله ... شُعثُ البلاد مع المراد المقبلِ5
الله عونك ما أبرك بالهدى ... وأشد وقعَك بالضلال المشعلِ
ما إن رأت عيني، وعلمك شاهد، ... شَرْوَى علائك في معم مُخْوِلِ6
أندى بمُقْرَبة كسِرحان الغَضا ... رَكْضًا، وأوغل في مُثار القَصْطَلِ7
مولاي، مؤنس غربتي، متخطفي ... من ظُفْر أيامي، مُمَنِّع مَعْقِلي8
عبدٌ نشلتَ بضَبْعه وغَرسْتَهُ ... في نعمة أهدى إليك بأيَّلِ9
سميته غرسِيَّة وبعثتُه ... في حبله ليتاح فيه تفاؤلي