قضية القبض عليه. وكتب إلى أمير المؤمنين متولي فاس أبو إبراهيم إسحاق ابن أمير المؤمنين أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، يعلمه بالقبض عليه وبكونه عنده في سجنه؛ فكتب إليه يأمره بقتله وصلبه، فضرب عنقه وصلب جسده ووجه برأسه إلى مراكش؛ فهو معلق هناك مع عدة رءوس من الثوار والمتغلبين.
ولم يغير أبو يعقوب هذا على الناس شيئًا من سير آبائه، ولا أحدث أمرًا يتميز به عمن كان قبله؛ خلا أني رأيت كل من يعرفه من خواص الدولة قد ملئ قلبه منه رعبًا؛ لما يعلمون من شهامته وشدة تيقظه؛ لقيته وجلست بين يديه خاليًا به، وذلك في غرة سنة 611؛ فرأيت -من حدة نفسه وتيقظ قلبه وسؤاله عن جزئيات لا يعرفها أكثر السوق فكيف الملوك- ما قضيت منه العجب؛ وإلى وقتنا هذا لم يظهر منه شيء مما يتوقع.
ثائران آخران على أبي يعقوب الثاني
وثار في أيام يوسف هذا -بعد قتل العبيدي- رجلان: أحدهما ببلاد جزولة من سوس، كان يدعى بالفاطمي؛ قتل وجيء برأسه إلى مراكش في شهور سنة 612 وأنا يومئذ بجزيرة الأندلس؛ لم يبلغني تفصيل أمره لبُعدي عن الحضرة، غير أني رأيتهم أعظموا الفرح بأخذه وقتله. والآخر من صنهاجة، قتل في سنة 618 بعد أن أثر آثارًا قبيحة فيما بلغني، وهزم بعوثًا عدة واستفسد خلقًا كثيرًا؛ بلغني هذا كله وأنا بالبلاد المصرية في التاريخ المتقدم. وكان الذي تولى قتل هذا الرجل والإراحة منه وحسم الخلاف الواقع بسببه، السيد الأجل أبا محمد عبد العزيز ابن أمير المؤمنين أبي يعقوب بن عبد المؤمن بن علي، وهو يومئذ والٍ على مدينة سجلماسة وأعمالها.
وفاة أبي يعقوب الثاني
ثم اتصل بي في هذه السنة -وهي سنة 621- أن أبا يعقوب أمير المؤمنين توفي في أحد الشهرين من شوال أو ذي القعدة من سنة 620 ولم يبلغني كيفية وفاته1 فاضطرب الأمر، واشرأَبَّ4 الناس للخلاف.