وله -رحمه الله- رحلة إلى مصر لقي فيها ابن سناء الملك1 وأخذ عنه من شعره، وهو أول من سمعت يذكره عندنا ويروي شعره.
ولأبي عبد الله هذا اتساع في صناعة الشعر، إلا أنه نحل كثيرًا من شعره السيدَ الأجل أبا الربيع سليمان بن عبد الله بن عبد المؤمن أيام كتابته له، ولم يدع بعد ذلك في شيء مما نحله إياه من شعره، ولا ذكر أنه له؛ فكان أكثر شعره ينشد لأبي الربيع وترويه الرواة له. عرفت ذلك بعد مفارقته إياه؛ لأني فقدت شعر السيد أبي الربيع واختلف علي كلامه، ورأيت بخطه أشعارًا نازلة عن رتبة الشعر جدًّا؛ فعلمت أن ذلك الأول ليس من نسجه!.
وأخبرني ابن عبد ربه هذا قال: دخلت على السيد أبي الربيع وهو في قبة له وقد دخلت عليه الشمس من كُوًى2 صغار في أعلاها، فلما رأيت ذلك المنظر أعجبني وقلت بديهًا: من الكامل
لما رأته الشمس يفعل فعلها ... في العالمين مقاسمًا ومساهمَا3
خافت توالي الجود يُنفد ماله ... نثرت عليه دنانِرًا ودراهمَا! 4
فحذف الياء من دنانير، وهذا جائز، كما قال الأول:
تضل به أمنًا وفيه العصافرُ
أبو جعفر الحميري المؤدِّب*
ومما يتعلق بأخبار أبي يوسف -رحمه الله- ما أخبرني شيخي وأستاذي أبو جعفر أحمد بن محمد بن يحيى الحميري -رحمه الله- أيام قراءتي عليه بقرطبة سنة 606، وذلك أنَّا بلغنا عليه في الحماسة إلى مقطوعة ابن زَيَّابة التيمي5 التي أولها: من السريع