أُمَيْلد ميَّاس إذا قاده الصِّبا ... إلى مُلَح الإدلال أيده السحرُ1
يبل مآقي زهرتيه بريقه ... ويحكى البُكا عمدًا كما ابتسم الزهرُ
ويوهم أن الدمع بَلَّ جفونه ... وهل عُصرت يومًا من النرجس الخمرُ؟
وقال يصف نائمًا قد تحبب العرق على خده: من الكامل
ومهفهفٍ كالغصن إلا أنه ... سل التثني النوم عن أثنائهِ2
أضحى ينام وقد تحبب خده ... عرقًا فقلت: الورد رُشَّ بمائهِ3
وللرصافي هذا افتنان في الآداب. وكان -رحمه الله- عفيف الطُّعْمة, نزيه النفس، لا يحب أن يشتهر بالشعر مع إجادته في كثير منه.
وصل الحديث عن عبد المؤمن بن علي
وأقام عبد المؤمن بجبل الفتح، مرتبًا للأمور، ممهدًا للمملكة؛ وأعيان البلاد يفدون عليه في كل يوم، إلى أن تم له ما أراد من إصلاح ما استولى عليه من جزيرة الأندلس.
فولى مدينة إشبيلية وأعمالها ابنه يوسف، وهو الذي ولي الأمور بعده على ما سيأتي بيانه؛ وترك معه بها من أشياخ الموحدين وذوي الرأي والتحصيل منهم من يرجع إليه في أموره، ويعوِّل عليه فيما ينويه.
وولى قرطبة وأعمالها أبا حفص عمر إينتي.
وولى أغرناطة وأعمالها ابنه عثمان بن عبد المؤمن، يكنى أبا سعيد، وكان من نبهاء أولاده ونجبائهم وذوي الصرامة منهم. وكان محبًّا للآداب، مؤثرًا لأهلها، يهتز للشعر ويُثيب عليه. اجتمع له من وجوه الشعراء وأعيان الكتاب عصابة ما علمتها اجتمعت لملك منهم بعده.
ثم كر عبد المؤمن راجعًا إلى مراكش، بعد ما ملأ ما ملكه من أقطار جزيرة الأندلس خيلا ورجالا من المصامدة والعرب وغيرهم من أصناف الجند.
منازل العرب الهلالية في المغرب والأندلس
وقد كان حين أراد العبور إلى جزيرة الأندلس، استنفر أهل المغرب عامة؛ فكان