لا يذهبن لتقليل أخو سببٍ ... من الأمور، ولا يركن لتكثيرِ1
فالبحر قد عاد من ضرب العصا يَبَسًا ... والأرض قد غرِقَتْ من فَوْر تنورِ2
وإنما هو سيف الله قلده ... أقوى الهداة يدًا في دفع محذورِ3
فإن يكن بيد المهدي قائمه ... فموضع الحد منه حد مشهورِ
والشمس إن ذكرت موسى فما نَسِيَتْ ... فتاه يُوشَعَ قمَّاع الجبابيرِ4
وكان الرصافي يوم أنشد هذه القصيدة لم تكمل له عشرون سنة. وهو من مجيدي شعراء عصره، لا سيما في المقاطيع, كالخمسة الأبيات فما دونها. وقد رويتُ شعره عن جماعة ممن لقوه، وقد رأيت أن أورد منه هاهنا نبذة يسيرة تدل على ما وصفناه به، فمن ذلك قوله يصف نهر إشبيلية الأعظم، وهو نهر لا نظيرَ له في الدنيا: من الكامل
ومُهدَّل الشَّطَّيْنِ تحسَب أنه ... متسايل من درة لصفائهِ5
فاءت عليه مع الهجيرة سَرْحَة ... صَدِئت لفَيْئَتها صفيحة مائهِ6
فتراه أزرق في غِلالَة سُمْرة ... كالدَّارع استلقى بظل لوائهِ7
وله, وقد اجتمع مع إخوان له في بعض العَشَايا, في بستان رجل يقال له: موسى بن رزق: من الكامل
ما مثلُ موضعك ابنَ رزقٍ موضعُ ... روض يرق وجدول يتدفعُ
فكأنما هو من محاجر غادة ... فالحسن ينبت في ثَرَاه وينبُعُ8
وعشيةٍ لبست رداء شُحُوبها ... والجو بالغيم الدقيق مقنَّعُ