ذلك عفوًا من غير استدعاء. رأيت له عن المعتمد رسائل تدل على ما وصفته به، ليس على خاطري منها شيء.
وزارة ابن عبدون*
ثم كتب له، أو لابنه، بعد أبي بكر هذا -الوزير الأجلّ أبو محمد عبد المجيد بن عبدون. قد تقدم من نعته ما أغنانا عن تكراره ههنا. وكان يكتب قبل من كتب له منهما، للأمير سِير بن أبي بكر بن تاشفين، وهو الذي دخل على المعتمد على الله إشبيلية، فلم يزل يكتب له إلى أن اتصل بأمير المسلمين، باستدعاء منه له.
فمن رسائله عنه إلى أمير المسلمين، رسالة يخبر بها بفتح مدينة شَنْتَرين1 أعادها الله؛ وكان سير هذا هو الذي تولى فتحها؛ فكتب عنه أبو محمد كتابًا:
أدام الله أمر أمير المسلمين، وناصر الدين، أبي الحسن علي بن يوسف بن تاشفين، خافقة بنُصرة الدين أعلامه، نافذة في السبعة الأقاليم أقلامه، من داخل مدينة شنترين، وقد فتحها الله تعالى بحسن سيرتك، ويمن نَقِيبتك2 على المسلمين.
والحمد لله رب العالمين، حمدًا يستغرق الألفاظ الشارحة معناه، ويسبق الألحاظ الطامحة أدناه، لا يرد وجهه نُكوص3، ولا يحد كُنْهَه4 تخصيص، ولا يحزِره5 بقبض ولا ببسط مثال ولا تخمين، ولا تحصره بخبط ولا بعَقْد شِمال ولا يمين، ولا يسعه أَمَدٌ يحويه، ولا يقطعه أبدٌ يستوفيه، ولا يجمعه عددٌ يُحصيه، إذا سبقت هواديه6، لحقت تواليه.
وعلى محمد عبده وأمين وحيه، الصادع بأمره ونهيه، نظام الأمة، وإمام الأئمة، سر آدم من بنيه، وفخر العالم ومن فيه -صلاة تامة نقضيها، وتحية عامة نؤديها، تَرْفَضُّ7 ارفضاض الزهر من كمامه، وتنفضُّ8 انفضاض المسك من ختامه؛