ومما قاله المعتمد من الشعر عند موته, وأمر أن يكتب على قبره: من البسيط

قبرَ الغريب سقاك الرائح الغادي ... حقًّا ظَفِرتَ بأشلاء ابن عبادِ1

بالحلم, بالعلم, بالنُّعمى إذا اتصلت ... بالخصب إن أجدبوا بالرِّيِّ للصادِي2

بالطاعن, الضارب, الرامي إذا اقتتلوا ... بالموت أحمر بالضِّرغامة العادِي3

بالدهر في نِقَم بالبحر في نعم ... بالبدر في ظلم بالصدر في النادِي4

نعم هو الحق حاباني به قدر ... من السماء فوافاني لميعادِ5

ولم أكن قبل ذاك النعش أعلمه ... أن الجبال تهادَى فوق أعوادِ6

كفاك فارفُقْ بما استودعت من كرم ... رجاك كل قَطُوب البرق رَعَّادِ7

يبكي أخاه الذي غيبت وابلَه ... تحت الصفيح بدمع رائح غادِي8

حتى يجودك دمع الطل منهمرًا ... من أعين الزهر لم تبخل بإسعادِ9

ولا تزل صلوات الله دائمةً ... على دفينك لا تُحصى بتَعْدادِ

وكان للمعتمد على الله هذا ولد يلقب بـ فخر الدولة، رشحه للملك من بعده، وجعله ولي عهده، ولقبه بـ المؤيد بنصر الله؛ فعاقته الفتنة عن مراده، وحالت الأقدار بينه وبين إصداره وإيراده؛ فما برح بفخر الدولة هذا تغير الأيام بعد الفتنة، إلى أن أسلم نفسه في السوق، وتعلم من الصنائع صنعة الصُّوَّاغ، فمر به محمد بن اللبانة المتقدم الذكر شاعر أبيه، فقال في ذلك: من البسيط

أذكى القلوب أسًى، أبكى العيون دما ... خَطْب وجدناك فيه يشبه العدمَا10

أفراد عِقْد المنى منا قدِ انتثرت ... وعَقْد عروتنا الوثقى قد انفصمَا11

طور بواسطة نورين ميديا © 2015