واجعل قرين الورد فيه سُلافة ... يحكي مشعشعها مصعد مائِهِ1

لولا ذبول الورد قلت بأنه ... خد الحبيب عليه صِبْغ حيائِهِ

هيهاتَ أين الورد من خد الذي ... لا يستحيل عليك عهد وفائِهِ2

الورد ليس صفاته كصفاته ... والطير ليس غناؤها كغنائِهِ

يتنفس الإصباح والريحان من ... حركات معطفه, وحسن رُوَائِِهِ3

ويجول في الأرواح رَوْح ما سرت ... رَيَّاه من تلقائه بلقائهِ4

صرف الهوى جسمي شبيه خياله ... من فرْط خفته وفرط خفائهِ

ومن أحسن ما على خاطري له بيتان يصف بهما خالًا، وهما: من البسيط

بدا على خده خال يزينه ... فزادني شغفًا فيه إلى شغفِ5

كأن حبة قلبي عند رؤيته ... طارت فقال لها: في الخد منه قفي! 6

ولابن اللبانة هذا إحسان كثير، منعني من استقصائه خوف الإطالة، وأيضًا فلأن هذا الكتاب ليس موضوعًا لهذا الباب؛ وإنما يأتي منه فيه ما تدعو إليه ضرورة سياق الحديث.

رجع الحديث إلى أخبار المعتمد

ثم رجع بنا القول إلى أخبار المعتمد على الله.

وبلغني أن رجلًا رأى في منامه قبل الكائنة العظمى على بني عباد بأشهر يسيرة وهو بمدينة قرطبة، كأن رجلاً أتى حتى صعد المنبر واستقبل الناس بوجهه ينشدهم رافعًا صوته: من الرمل

رب رَكْبٍ قد أناخوا عِيسَهم ... في ذُرا مجدهم حين بسقْ7

سكت الدهر زمانًا عنهم ... ثم أبكاهم دمًا حين نَطَقْ!

فما كان إلا أشهر يسيرة حتى وقع بهم, وأبكاهم الدهر كما قال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015