ويا مُؤمِّل واديهم ليسكنَه ... خف القطين وجف الزرع بالوادِي1
ضلت سبيل الندى بابن السبيل فسرْ ... لغير قصد فما يهديك من هادِي
وفيها يقول:
نسيتُ إلا غداة النهر كونهمُ ... في المنشآت كأموات بألحادِ2
والناس قد ملئوا العِبْرين واعتبروا ... من لؤلؤ طافيات فوق أزبادِ3
حُطَّ القناع فلم تُستر مخدرة ... ومُزقت أوجه تمزيق أبرادِ4
تفرقوا جيرة من بعد ما نشئوا ... أهلًا بأهل وأولادًا بأولادِ
حان الوداع فضجت كل صارخةٍ ... وصارخ من مُفدَّاة ومن فادِي
سارت سفائنهم والنوْح يتبعها ... كأنها إبل يحدو بها الحادِي5
كم سال في الماء من دمع وكم حملت ... تلك القطائع من قِطْعات أكبادِ
من لي بكم يا بني ماء السماء إذا ... ماء السماء أبى سُقْيًا حَشَا الصادِي6
وهي طويلة جدًّا، وهذا ما اخترت له منها.
أبو بكر الداني*
وابن اللبانة هذا هو أبو بكر محمد بن عيسى7، من أهل مدينة دانية، وهي على ساحل البحر الرومي، كان يملكها مجاهد العامري وابنه علي الموفق على ما تقدم.
ولابن اللبانة هذا أخ اسمه عبد العزيز، وكانا شاعرين، إلا أن عبد العزيز منهما لم يرض الشعر صناعة ولا اتخذه مكسبًا، وإنما كان من جملة التجار. وأما أبو بكر فرضيه بضاعة، وتخيره مكسبًا، وأكثر منه، وقصد به الملوك فأخذ جوائزهم، ونال