مُجْتَهد مُصِيب فأنما يفصل بَين مسَائِل الِاجْتِهَاد وَبَين غَيرهَا فِي إِصَابَة الْمُجْتَهدين وَلَيْسَ يجوز ان يُصِيبُوا عِنْده كلهم إِذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة دلَالَة لِأَن خلاف الدّلَالَة خطأ وَيجوز لمن قَالَ إِن الْحق فِي وَاحِد أَن يَقُول خلاف الدّلَالَة خطأ وَأَنه مغْفُور
وَإِذ قد ذكرنَا أَحْكَام الْمُجْتَهدين فِي الْفُرُوع فلنذكر أَحْكَام الْمُجْتَهدين فِي الاصول وَعند الْفَرَاغ مِنْهُ يَقع الْفَرَاغ من الْكتاب إِن شَاءَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن الْمُجْتَهدين فِي الْأُصُول لَا يجوز أَن يَكُونُوا على تباينهم مصيبين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن المعتقدين للشَّيْء باعتقادات متنافية لَا يجوز كَونهم بأجمعهم مصيبين كالمعتقدين أَن الله سُبْحَانَهُ يرى فِي بعض الْحَالَات والمعتقدين أَنه لَا يرى بِحَال وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري إِن الْمُجْتَهدين فِي الاصول من أهل الْقبْلَة كالموحدة والمشبهة وَأهل الْعدْل والقدرية مصيبون وَيَنْبَغِي أَن نبين معنى قَوْلنَا صَوَاب ثمَّ نبين أَنه لَا يُمكن اجْتِمَاع الاعتقادات المتنافية فِيهِ فَنَقُول
إِن كَانَ الْفِعْل الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ صوب خَارِجا عَن الاعتقادات والظنون وَالْأَخْبَار وَكَانَ من أَفعَال الْجَوَارِح وَغَيرهَا كالارادات والكراهات فَالْمُرَاد بذلك أَن فاعلة قد أصَاب بِهِ مَا كلف مَأْخُوذ من إِصَابَة الرَّامِي بسهمه الْغَرَض وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة المُرَاد بذلك أَنه أصَاب بِهِ فَاعله الْحسن وَإِن كَانَ الْفِعْل من حيّز الاعتقالات فقد يُوصف بِأَنَّهُ صَوَاب وَيُرَاد بِهِ هَذَا الْمَعْنى وَيُرَاد بِهِ أَيْضا أَنه أُصِيب بِهِ الْحق وَأَنَّهَا تعلّقت بالمعتقد والمخبر عَنهُ على مَا هما بِهِ وَإِن كَانَ الْفِعْل ظنا فقد يُوصف بِأَنَّهُ صَوَاب وَيُرَاد بِهِ الْوَجْه الأول وَقد يُرَاد بِهِ أَن مظنونه على مَا ظَنّه أَي أَن الْأَقْرَب فِي مظنونه أَنه يكون على مَا تنَاوله