المعتمد (صفحة 689)

كالخلاف فِيمَا تقدم الْآن وَإِن أمكن ذَلِك فمثاله أَن يرد الذّرة إِلَى الارز بعلة أَنه مَكِيل وَيرد الارز إِلَى الْبر بِهَذِهِ الْعلَّة وَهَذَا تَطْوِيل لَا فَائِدَة فِيهِ لِأَنَّهُ يُمكن رد الذّرة إِلَى الْبر بِهَذِهِ الْعلَّة وَلِأَن رد الذّرة إِلَى الارز يُوهم أَن حكمه مِنْهُ مُسْتَفَاد وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الذّرة كالارز فِي أَن الْعلم بِحكم أَحدهمَا لَا يسْبق الْعلم بِحكم الآخر فَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ بل حكمهَا يَتَرَتَّب على الْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي تَعْلِيل الأَصْل بعلة لَا تتعدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أما الشَّيْخ أَبُو عبد الله رَحمَه الله فانه أفسدها إِلَّا أَن يدل عَلَيْهَا نَص أَو إِجْمَاع وَحكى عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله أَنَّهَا صححها فِي بعض مسَائِله وَالشَّيْخ أَبُو الْحسن رَضِي الله عَنهُ أفسدها إِلَّا أَن يدل عَلَيْهَا نَص وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وقاضي الْقُضَاة يصححونها

وَالدَّلِيل على صِحَّتهَا هُوَ أَن من أفسدها إِمَّا أَن يُفْسِدهَا لِأَنَّهَا لم تتعد إِلَى فرع مُخْتَلف فِيهِ أَو أَنَّهَا لم تتعد إِلَى فرع أصلا اخْتلف فِيهِ أَو لم يخْتَلف فِيهِ فان قَالَ بِالْأولِ كَانَ قد جعل صِحَّتهَا وفسادها موقوفين على أَن يخْتَار النَّاس الْخلاف فِي الْفَرْع أَو الِاتِّفَاق فِيهِ وَهَذَا شنيع وَأَيْضًا فَإِن كَانَت الْعلَّة هِيَ وَجه الْمصلحَة فوجوه الْمصَالح إِذا حصلت فِي الشَّيْء اقْتَضَت كَونه مصلحَة وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ أَو لم يَقع وَإِن كَانَت أَمارَة على الحكم وعَلى وَجه الْمصلحَة فالأدلة والأمارات لَا تفْسد بالِاتِّفَاقِ على مدلولها وَإِن قَالُوا بِالثَّانِي فَالَّذِي يُفْسِدهُ أَيْضا هُوَ أَن الْعلَّة الشَّرْعِيَّة إِذا دلّت عَلَيْهَا الأمارة غلب على ظننا أَنَّهَا وَجه الْمصلحَة وَإِن لم تتعد لِأَن وُجُوه الْمصَالح قد تخْتَص نوعا وَاحِدًا وَقد تتعداه كَمَا نقُوله فِي وُجُوه الْقبْح وَالْحسن كلهَا وَأَيْضًا فالعلة لَو فَسدتْ إِذا لم تتعد لَكَانَ فَسَادهَا وَجه مَعْقُول

فان قَالُوا الْوَجْه فِي ذَلِك هُوَ أَن الْعلَّة المستنبطة إِذا لم تتعد لم يكن فِي استنباطها فَائِدَة لِأَن حكم الأَصْل ثَابت بِالنَّصِّ لِأَنَّهَا بِالنَّصِّ قد أُغني غنها فِي الأَصْل وَلَيْسَت مَوْجُودَة فِي فرع فَيكون طَرِيقا إِلَى حكمه وَإِذا لم يكن فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015