استنباطها فَائِدَة كَانَت عَبَثا وَلَيْسَ كَذَلِك الْعلَّة المنصوصة لِأَنَّهَا لم تثبت عِلّة بالاستنباط قيل إِن المستنبط لِلْعِلَّةِ طَالب لَهَا وَهُوَ فِي حَال طلبه لَا يعلم مَا عِلّة الحكم وَهل هِيَ متعدية أم لَا فَيُقَال لَهُ لَا تتكلف هَذَا الْبَحْث والطلب وَإِنَّمَا يعلم أَن الْعلَّة الَّتِي تبحث عَنْهَا لَا تتعدى بعد اسْتِيفَاء الطّلب وَأَيْضًا يكون الطّلب لَهَا عَبَثا لَا يفْسد الْعلَّة لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع كَونهَا عِلّة وَيكون الطَّالِب لَهَا عابثا حِين يتشاغل بِطَلَب مَا هُوَ مستغن عَنهُ وَأَيْضًا فَلَو جَازَ أَن يكون الطّلب لَهَا عَبَثا لِأَنَّهَا لَيست بطرِيق إِلَى الحكم لَا فِي الحكم وَلَا فِي الْفَرْع لَكَانَ النَّص عَلَيْهَا عَبَثا لِأَنَّهَا لَيست بطرِيق إِلَى حكم فِي أصل وَلَا فرع وَأَيْضًا وُقُوع الْغنى عَن الشَّيْء لَا يُفْسِدهُ أَلا ترى أَنا نستغني بِالْقُرْآنِ فِي بعض الْأَحْكَام عَن أَخْبَار الْآحَاد وَعَن الْقيَاس وَلَا يُوجب ذَلِك فسادهما
فان قيل خبر الْوَاحِد يُمكن أَن يكون طَرِيقا إِلَى الحكم الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَلَا يُمكن أَن تكون الْعلَّة القاصرة طَرِيقا إِلَى حكم أصلا قيل إِنَّمَا تكلمنا على قَوْلكُم طلبَهَا عَبث إِذْ النَّص قد أغْنى عَنْهَا وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي بعض الْفُرُوع وَلم نتكلم على مَا ذكرتموه الْآن وَهُوَ قَوْلكُم الْعلَّة القاصرة لَا يُمكن أَن تكون طَرِيقا إِلَى حكم فَلم يكن فِي طلبَهَا فَائِدَة فان قُلْتُمْ ذَلِك أجبناكم بِمَا تقدم دون هَذَا الْوَجْه
وَإِن قَالُوا إِذا لم تكن الْعلَّة طَرِيقا إِلَى حكم لم تكن فِيهَا نَفسهَا فَائِدَة وَمَا لَا فَائِدَة فِيهِ لَا يجوز أَن ينصب الله عز وَجل عَلَيْهِ أَمارَة فَكل عِلّة قَاصِرَة فَإنَّا نعلم أَن الله عز وَجل لم ينصب عَلَيْهَا أَمارَة قيل وَمَا لَا فَائِدَة فِيهِ لَا يجوز أَن ينص الله عز وَجل وَلَا رَسُوله عَلَيْهِ فان جعلتم للنَّص عَلَيْهَا فَائِدَة فقد بَطل قَوْلكُم إِن مَا لَا يُفِيد حكما فَهُوَ فَاسد وَأَيْضًا فَلَا فَائِدَة أَكثر من الْعلم بعلة الحكم فانا إِذا علمنَا كم الشَّيْء ووقفنا على علنه صرنا عَالمين أَو ظانين بِمَا لم نَكُنْ عَالمين بِهِ وَذَلِكَ مَا تتشوق النَّفس إِلَى مَعْرفَته وَلَا يمْتَنع أَن يكون لنا فِي ظن ذَاك مصلحَة وَفَائِدَة أُخْرَى وَهِي أَن نمتنع من قِيَاس فرع على أصل علته قَاصِرَة
فان قَالُوا فَهَذَا يُمكن إِذا لم تنصب أَمارَة على أَن ذَلِك الْوَصْف عِلّة قيل