شَيْئا من الْأَشْيَاء من ذَلِك الْموضع ألحق بِهِ حكمه لَا على سَبِيل الْقيَاس بل على سَبِيل إِدْخَال التَّفْصِيل فِي الْجُمْلَة فان قيس الِاسْتِدْلَال على مَوضِع الحكم بِهَذَا قيل لَهُ أموضع الْكَفَّارَة هُوَ الْجِمَاع أم بعض أَوْصَافه فان قَالَ هُوَ الْجِمَاع قيل هَذَا لَا يحْتَاج إِلَى اسْتِدْلَال زَائِد على الْخَبَر وَيَنْبَغِي أَن لَا يلْحق بِهِ إِلَّا مَا كَانَ جماعا وَإِن قَالَ موضعهَا هُوَ بعض أَوْصَافه وَهُوَ إِفْسَاد عين صَوْم الشَّهْر مَعَ مأثم مَخْصُوص قيل ابالنص علمت أَن هَذَا مَوضِع الْكَفَّارَة أم بِدَلِيل وَلَيْسَ يُمكنهُ القَوْل بِأَنَّهُ علم ذَلِك بِالنَّصِّ لِأَن النَّص يتَنَاوَل الْجِمَاع لَا هَذِه الْأَوْصَاف وَإِن قَالَ علمت ذَلِك لَا بِالنَّصِّ وَلَكِن بِاعْتِبَار أفسدت بِهِ تَعْلِيق الْكَفَّارَة بِالْجِمَاعِ وَبِغَيْرِهِ من أَوْصَافه سوى مَا ذكرته قيل هَذَا تَعْلِيل مِنْك لِأَنَّك علقت هَذِه الْكَفَّارَة بِهَذِهِ الْأَوْصَاف وَقلت لَهَا مَا ثَبت الْكَفَّارَة وتوصلت إِلَى ذَلِك بِأَن أفسدت تعلق الْكَفَّارَة بِمَا عَداهَا فاذا حكمت على الْأكل بِالْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مُفسد لعين صَوْم رَمَضَان مَعَ مأثم مَخْصُوص فقد قست وَجرى ذَلِك مجْرى أَن تفْسد تَعْلِيق الرِّبَا بِعَين الْبر وبصفاته سوى الْكَيْل ثمَّ تحرم الارز لِأَنَّهُ مَكِيل وكل من أثبت الْكَفَّارَة بِالْقِيَاسِ أَن يسْلك هَذَا المسلك ونسميه اسْتِدْلَالا على مَوضِع الحكم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب تَعْلِيل حكم الأَصْل بعلتين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن حكم الأَصْل إِذا علل بعلتين فإمَّا أَن تكون إِحْدَاهمَا هِيَ الدَّلِيل على حكم الأَصْل أَو لَا تكون وَاحِدَة مِنْهُمَا هِيَ الدَّلِيل على حكم الأَصْل بل الدَّلِيل عَلَيْهِ نَص أَو إِجْمَاع فان لم تكن وَاحِدَة مِنْهُمَا دَلِيلا على حكم الأَصْل جَازَ أَن تصحا جَمِيعًا لِأَن الْعلَّة إِن كَانَت أَمارَة فَجَائِز أَن تدل على الحكم الْوَاحِد امارتان وَإِن كَانَت مُوجبَة وَجه مصلحَة فَجَائِز أَن يكون الشَّيْء صلاحا من وَجْهَيْن يبين ذَلِك أَنه قد يسْتَحق الْإِنْسَان الْقَتْل لردته وَلِأَنَّهُ قتل غَيره وَقد تفْسد صَلَاة الْإِنْسَان بِالْحَدَثِ وبالكلام إِذا وجدا مَعًا وأمثال ذَلِك كَثِيرَة وَإِن كَانَ إِحْدَى العلتين دَلِيلا على حكم الأَصْل فإمَّا أَن تكون دَلِيل حكمه من غير أَن يُقَاس بهَا على اصل آخر أَو أَن تكون دَلِيله بَان يُقَاس بهَا