رخصوه وَيبعد أَن تظهر فِي التقديرات والأعداد عِلّة فاما الْكَفَّارَات فَلَا يبعد أَن تظهر علتها فيقاس عَلَيْهَا غَيرهَا بِتِلْكَ الْعلَّة وَلَيْسَ لمن منع من ذَلِك أَن يجْرِي بِهِ مجْرى الْحُدُود من حَيْثُ كَانَت عقوبات لِأَنَّهُ يُسَوِّي فِي الْمَنْع من إِثْبَاتهَا قِيَاسا بَين مَا يجْرِي مِنْهَا مجْرى الْعُقُوبَات وَبَين مَا لَا يجْرِي مِنْهَا مجْرى الْعُقُوبَات وَأَيْضًا فقد أثبتوا على الْآكِل فِي شهر رَمَضَان كَفَّارَة وَهِي جَارِيَة مجْرى الْعُقُوبَات اعْتِبَارا بالمجامع وسلكوا فِي ذَلِك مَسْلَك التَّعْلِيل وَلَا يعصمهم من ذَلِك أَن يمتنعوا من تَسْمِيَة ذَلِك قِيَاسا وَسَيَجِيءُ القَوْل فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الِاسْتِدْلَال على مَوضِع الحكم هَل هُوَ قِيَاس أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن الشَّيْخ أَبَا الْحسن رَحمَه الله لم يكن يثبت الْكَفَّارَات بِالْقِيَاسِ وَكَانَ يثبتها بالاستدلال على مَوضِع الحكم فَيثبت الْكَفَّارَة على الْأكل فِي شهر رَمَضَان اعْتِبَارا بالمجاميع فِيهِ فَيَقُول قد علمت أَن الْكَفَّارَة لم تجب فِي الْجِمَاع لعَينه بل لِأَنَّهُ مُفسد لعين صَوْم شهر رَمَضَان مَعَ ضرب مَخْصُوص من المأثم وَهَذَا مَوْجُود فِي الْأكل
وَذكر قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله أَنه كَانَ يفصل بَين الْقيَاس وَبَين ذَلِك بِأَنا نحتاج إِلَى الِاسْتِدْلَال لنعلم بِأَن الْجِمَاع يخْتَص بمأثم مَخْصُوص وَلَا يحْتَاج إِلَى الِاسْتِدْلَال لنعلم أَن الْبر مَكِيل فَيُقَال لَهُ حَاجَتك إِلَى هَذَا الِاسْتِدْلَال لَا يخْرجك من أَن تكون قد سلكت مَسْلَك التَّعْلِيل بِهَذِهِ الْأَوْصَاف وأجريت حكمهَا مَعهَا وَهَذِه صُورَة الْقيَاس على أَن المقائيس مَا يعلم ثُبُوت علته فِي أَصله بِدَلِيل وَذَلِكَ بِأَن تكون الْعلَّة حكما شَرْعِيًّا لِأَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَعْلُومَة بِالدَّلِيلِ على أَن مَا افْتقر فِيهِ إِلَى الِاسْتِدْلَال هُوَ أخْفى مِمَّا علم ضَرُورَة فان لم تثبت الْكَفَّارَة بالأجلى فَالْأولى أَن لَا تثبت بالأخفى
وَيُمكن أَن نقيس الِاسْتِدْلَال على مَوضِع الحكم بِوَجْه آخر وَهُوَ أَن يكون الحكم ثَابتا فِي مَوضِع مُجمل ثمَّ نستدل لنعلم ذَلِك الْموضع فاذا ثَبت بِالدَّلِيلِ أَن