لِأَنَّهُ لم يثبت الصَّوْم بَدَلا من هدى الْمحصر لِأَن ذَلِك إِثْبَات عبَادَة مُبتَدأَة وَمنع الشَّيْخ أَبُو الْحسن رَضِي الله عَنهُ من إِثْبَات النصب ابْتِدَاء بِالْقِيَاسِ أَو بِخَبَر الْوَاحِد وَكَذَلِكَ لم يثبت الزَّكَاة فِي الفصلان وَاسْتعْمل الْقيَاس فِي نصب مَا ثَبت فِيهِ الزَّكَاة كَمَا يعْمل الْقيَاس فِي صِفَات الصَّلَاة وَإِن لم يَسْتَعْمِلهُ فِي نفس الصَّلَاة وَقبل خبر الْوَاحِد فِي إِثْبَات نِصَاب زَائِد على الْمِائَتَيْنِ على مَذْهَب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَمنع من الْقيَاس فِي الْمَقَادِير وَلم يُعلل مَا رخص فِيهِ للتساهل وَلم يقس عَلَيْهِ كاجرة الْحمام والاستصناع وَقبل أَبُو يُوسُف خبر الْوَاحِد فِي إِثْبَات الْحُدُود كَمَا يقبل الشَّهَادَة فِيهِ وَإِن كَانَ مِمَّا يدْرَأ بِالشُّبْهَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه يثبت الْحَد بِالْقِيَاسِ أَيْضا لِأَن الْقيَاس كَخَبَر الْوَاحِد فِي إِفَادَة الظَّن فان لم يمْتَنع إثْبَاته بِأَحَدِهِمَا وَإِن كَانَ يدْرَأ بِالشُّبْهَةِ فَكَذَلِك الآخر أما الشَّافِعِي رَحمَه الله وَأَصْحَابه فانهم يعللون كل ذَلِك ويستعملون الْقيَاس فِيهِ مَا لم يمْنَع مِنْهُ مَانع إِلَّا أَنهم يَقُولُونَ إِن الْأُصُول وَالْحُدُود لَا مجَال للْقِيَاس فيهمَا وَلَو دلّ الدَّلِيل على الْعلَّة فيهمَا لقيس عَلَيْهِمَا وَقد حد بَعضهم واطىء الْبَهِيمَة قِيَاسا على الزَّانِي وَإِن كَانَ بَعضهم يَقُول إِن ذَلِك زنا
وَالْخلاف بَين النَّاس هَل فِي الشَّرِيعَة جملَة من الْمسَائِل يعلم أَنه لَا يجوز أَن تدل دلَالَة على عِلّة أَحْكَامهَا فَيمْتَنع اسْتِعْمَال الْقيَاس فِيهَا فِي الْجُمْلَة أَو لَيْسَ ذَلِك بل يَنْبَغِي أَن يستقرىء مَسْأَلَة مَسْأَلَة فأصحاب أبي حنيفَة يَقُولُونَ إِنَّا قد علمنَا ذَلِك فِي جملَة من الْمسَائِل وَهِي الَّتِي ذكروها وَغَيرهم لَا يحكم بذلك فِي أَكثر هَذِه الْمسَائِل على سَبِيل الْجُمْلَة بل يستقرءون مَسْأَلَة مَسْأَلَة وَالْأَظْهَر فِي كثير مِمَّا ذَكرُوهُ أَنه لَا يظْهر علته كالتقديرات واصول الْعِبَادَات وَالْأولَى مَعَ ذَلِك استقراء مَسْأَلَة مَسْأَلَة فَمَا لَا يدل على علته دلَالَة لم يسْتَعْمل فِيهِ الْقيَاس لجَوَاز أَن يكون فِيهَا مَا دلّ دلَالَة على عِلّة حكمه غير أَن مَا أَخذ علينا التطرق إِلَيْهِ بالأدلة الْمَعْلُومَة فانه لَا يجوز اسْتِعْمَال الْقيَاس فِيهِ كَصَلَاة سادسة ولإجماع الامة على أَنه لَا مجَال للْقِيَاس فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا تظهر فِيهِ دلَالَة تدل على علته وَمَا رخص فِيهِ للتساهل فَلَا عِلّة فِيهِ إِلَّا شذة الْبلوى بِهِ وكل مَا هَذِه حَاله قد رخصوه وَمَا لم يرخصوه من ذَلِك فالإجماع على حظره يمْنَع من قِيَاسه على مَا