المعتمد (صفحة 658)

فعلا لغَرَض من الْأَغْرَاض فانه لَا يجب أَن يفعل مَا ساواه فِي ذَلِك الْغَرَض وَمن ترك فعلا لغَرَض فانه لَا يجب أَن يفعل مَا ساواه فِي ذَلِك الْغَرَض وَمن ترك فعلا لغَرَض فانه يتْرك مَا ساواه فِي ذَلِك الْغَرَض فاذا حرم الله تَعَالَى الْخمر لشدتها فان الشدَّة تكون وَجه الْمصلحَة وَلَا يكون كَذَلِك إِلَّا وَلها يتْرك الْفِعْل وَإِذا كَانَت وَجها فِي التّرْك وَجب أَن يشيع فِي تَحْرِيم كل شدَّة فاذا وَجب أكل السكر لِأَنَّهُ حُلْو لم يجب أَن يشيع فِي كل حُلْو وَالْجَوَاب يُقَال إِن أردْت أَن الشدَّة وَجه لَهَا بترك شرب الْخمر فقد بَينا بطلَان ذَلِك إِن أردْت أَنَّهَا لاخْتِصَاص الْخمر بهَا يَقْتَضِي ترك شربهَا انصرافا عَن قَبِيح آخر فَمن أَيْن ذَلِك وَمَا يُنكر أَنه يجوز ذَلِك وَيجوز أَن يكون تَارِك شربهَا يفعل وَاجِبا وَلَو شربهَا أخل بِهِ وَمَا يُنكر لَو أوجب الله تَعَالَى علينا أكل السكر لِأَنَّهُ حُلْو أَن يكون أكله يصرف عَن قَبِيح وَلَا يَدْعُو إِلَى وَاجِب فَلَا يَنْبَغِي أَن يفرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ بل يَنْبَغِي أَن يجوز فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يكون دَاعيا إِلَى التّرْك وداعيا إِلَى الْفِعْل على أَن قَوْله إِن وَجه الْمصلحَة لَهَا يفعل الْفِعْل إِن أَرَادَ بِهِ لَهَا يفعل الملطوف فِيهِ على معنى أَن الْمُكَلف يفعل الملطوف فِيهِ لأجل اللطف فَهُوَ صَحِيح وَإِن أَرَادَ أَن وَجه الْمصلحَة هُوَ غَرَضه ومقصوده بِفعل الملطوف فِيهِ كَمَا يَقُول خرجت من الدَّار لاسلم على زيد فَبَاطِل لِأَن اللطف مُتَقَدم فَلَا يجوز أَن يكون هُوَ غَرَض الْمُكَلف أَلا ترى أَن الْإِنْسَان إِذا اسْتغنى أَو رزقه الله ولدا فَدَعَاهُ ذَلِك إِلَى الصَّلَاة لَا يكون غَرَضه وقصده بِالصَّلَاةِ الِاسْتِغْنَاء وَالْولد

وَأما أَبُو إِسْحَاق النظام فَلهُ أَن يحْتَج فَيَقُول لَو قَالَ الله عز وَجل اوجبت أكل السكر فِي كل يَوْم لِأَنَّهُ حُلْو لَكَانَ ذَلِك تعليلا لوُجُوبه فِي كل يَوْم ولكانت الْحَلَاوَة فَقَط وَجه الْمصلحَة فِي وُجُوبه فِي كل يَوْم لِأَنَّهُ قصر التَّعْلِيل عَلَيْهَا مَعَ اخْتِلَاف أحوالنا وَلَا يجوز حُصُول وَجه الْوُجُوب أَو الْحسن أَو الْقبْح فَلَا يُؤثر أَلا ترى أَنه لَا يجوز حُصُول الْفِعْل ظلما وَلَا يكون قبيحا وَأَيْضًا فان قدرا من الرِّفْق لَا يجوز أَن يصلح الصَّبِي وَهُوَ على صفة مَخْصُوصَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015