لَيْسَ بِوَجْه مصلحَة فِي التّرْك لِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك لأخبرنا الله عز وَجل بذلك أَو لتعبدنا بِالْقِيَاسِ وَالْجَوَاب إِن من يفعل الْفِعْل لداع ومسهل فانه يفعل مَا ساواه فِي ذَلِك الدَّاعِي إِلَّا أَن يُقَابل ذَلِك الدَّاعِي صَارف أَو يُؤَدِّي إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ وآكل الرمانة إِنَّمَا لم يَأْكُل رمانة أُخْرَى لِأَن شَهْوَته للحموضة قد زَالَت أَو تناقصت فَلم يحصل دَاعِيَة إِلَى أكل رمانة أُخْرَى أَو لم يحصل على حد مَا حصل إِلَى الأولى وَإِذا نَص الله سُبْحَانَهُ على أَن عِلّة أكل السكر كَونه حلوا فَظَاهر أَن حلاوته هِيَ وَجه الْمصلحَة من غير شَرط فَلم يجز حُصُول الْحَلَاوَة إِلَّا وَهِي دَاعِيَة إِلَى مَا دعت إِلَيْهِ حلاوة السكر
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْإِنْسَان لَو قَالَ أعتقت عَبدِي زيدا لِأَنَّهُ اسود لم يعْتَقد السامعون أَنه قد أعتق كل عبيده السود وَلَو قَالَ لوَكِيله أعتق عَبدِي زيدا لِأَنَّهُ أسود لم يجز للْوَكِيل عتق كل عبيده السود الْجَواب إِن الْإِنْسَان إِذا قَالَ أعتقت عَبدِي زيدا لِأَنَّهُ أسود فان كل عَاقل يناقضه إِذا لم يعْتق غَيره من عبيده السود إِلَّا أَن يكون قد عرف من قَصده أَنه اعتقده لِأَنَّهُ أسود مَعَ شَرط آخر لَا يُوجد فِي غَيره وَإِذا قَالَ لوَكِيله أعتق زيدا عَبدِي لِأَنَّهُ أسود قَالَ لَهُ الْعُقَلَاء فعندك الآخر أسود فَلم خصصت هَذَا بِالْعِتْقِ وَإِنَّمَا لم يجز للْوَكِيل الْإِقْدَام على عتق عبد لَهُ لِأَن الشَّرْع منع من ذَلِك إِلَّا بِصَرِيح القَوْل وَلِأَن المؤكل لما جَازَت عَلَيْهِ البدوات والمناقضات لم يجز من جِهَة الْعقل الْإِقْدَام على إِتْلَاف مَاله إِلَّا بِصَرِيح القَوْل أَلا ترى أَن المؤكل لَو أَمر وَكيله بِالْقِيَاسِ لم يكن للْوَكِيل عتق كل عبيده السود وَلِهَذَا ثَبت الْقيَاس فِيمَا عدا الْإِتْلَاف لِأَن الْإِنْسَان لَو قَالَ لعَبْدِهِ لَا تدخل دَار فلَان لِأَنَّهُ عدوي فَدخل دَار غَيره من أعدائه لامه الْعُقَلَاء وَلَو قَالَ أوجبت أَو أبحت لَك دُخُول دَار فلَان لِأَنَّهُ صديقي كَانَ لَهُ دُخُول دَار غَيره من أصدقائه وَلَو لامه لائم على ذَلِك لعنفه الْعُقَلَاء
وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن الشَّيْخ عبد الله رحمهمَا الله احْتج لمذهبه بِأَن من فعل