المعتمد (صفحة 659)

وَلَا يصلحه مثله مَتى كَانَ الصَّبِي على تِلْكَ الصّفة وَإِذا ثَبت ذَلِك كَانَت الْحَلَاوَة مُؤثرَة فِي الْمصلحَة فِي كل مَوضِع فَوَجَبَ أكل الْعَسَل

وَقد احْتج لهَذِهِ الْمقَالة أَيْضا بِأَنَّهُ لَو لم يجز الْقيَاس بِالْعِلَّةِ المنصوصة لم تكن للنَّص عَلَيْهَا فَائِدَة وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الْفَائِدَة فِيهَا أَن يعلم كَونهَا عِلّة لِأَن الْعلم نَفسه فَائِدَة

وَقَالَ أَيْضا لَو لم يتعبد بِالْقِيَاسِ لعلم كل عَاقل تَحْرِيم ضرب الْوَالِدين من قَول الله تَعَالَى {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} لما نبه الله تَعَالَى على الْعلَّة فاذا نَص عَلَيْهَا فَالْقِيَاس بهَا أولى فَالْجَوَاب إِن كثيرا من النَّاس يَقُول إِن الْمَنْع من ضربهما مَعْلُوم بِاللَّفْظِ لَا من جِهَة الْقيَاس وَمن لم يقل إِن ذَلِك مَعْلُوم بِاللَّفْظِ يَقُول لَو لم يتعبد الله عز وَجل بِالْقِيَاسِ لم أعرف ذَلِك بِالْقِيَاسِ على التأفيف لَكِن أعرفهُ بِالْعقلِ من حَيْثُ أَن ضربهما كفر نعْمَة وَإِنَّمَا يثبت أَن الْمَنْع من التأفيف دَال على تَحْرِيم الضَّرْب إِذا ثَبت أَن الْعلم بِالْعِلَّةِ يَكْفِي فِي التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ فَأَما مَعَ الشَّك فِي ذَلِك فَلَا يُمكن الْمَنْع من ضربهما بِالْقِيَاسِ على التأفيف فأمأ إِذا نَص الله عز وَجل على الْعلَّة وَتعبد بِالْقِيَاسِ فَلَا شُبْهَة فِي جَوَاز الْقيَاس بهَا لأَنا قد بَينا أَن النَّص على الْعلَّة هُوَ تعبد بِالْقِيَاسِ فانضمام تعبد زَائِد يزِيد التَّعَبُّد تَأْكِيدًا وَلِأَنَّهُ لَو لم يجز الْقيَاس بهَا لم يجز الْقيَاس بالمستنبطة فَكَانَ لَا يجوز الْقيَاس أصلا وَفِي ذَلِك وُرُود التَّعَبُّد بِمَا لَا يجوز فعله

شُبْهَة

إِن قيل إِذا أوجب الله تَعَالَى أكل السكر لِأَنَّهُ حُلْو فَيجب إِذا شَاركهُ الْعَسَل فِي الْحَلَاوَة أَن يكون قد قَامَ مقَامه فِي وَجه الْمصلحَة وَفِي ذَلِك كَونهمَا واجبين على الْبَدَل وَالْجَوَاب إِن الْفِعْل إِذا وَجب التَّعْيِين لوجه ثمَّ شَاركهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015