وَإِنَّمَا حسن بِالْعقلِ شرب النَّبِيذ بِشَرْط أَن لَا يكون فِيهِ أَمارَة التَّحْرِيم والمضرة وَلَا فرق بَينهمَا
وَيدل عَلَيْهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنهُ لأَنهم قَالُوا فِي مسَائِل اخْتلف فِيهَا بِالْقِيَاسِ من غير نَكِير ظهر من بَعضهم وَمَا قَالُوهُ من غير نَكِير فَهُوَ حق فَمن ذَلِك قَول الرجل لزوجته أَنْت عَليّ حرَام قَالَ أَبُو بكر وَعمر عَلَيْهِمَا السَّلَام هُوَ يَمِين وَقَالَ عَليّ وَزيد عَلَيْهِمَا السَّلَام هُوَ طَلَاق ثَالِث وَقَالَ ابْن مَسْعُود عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ طَلْقَة وَاحِدَة وَقَالَ ابْن عَبَّاس عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ ظِهَار وَقَالَ بَعضهم هُوَ إِيلَاء وَاخْتِلَافهمْ فِي ذَلِك ظَاهر وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُم قَالُوا ذَلِك قِيَاسا لأَنهم إِمَّا أَن يَكُونُوا قَالُوا ذَلِك عَن طَرِيق أَو لَا عَن طَرِيق وَلَو كَانُوا قَالُوا ذَلِك لَا عَن طَرِيق لكانوا قد اتَّفقُوا على الْخَطَأ لِأَن من أعظم الْخَطَأ أَن يُقَال فِي دين الله عز وَجل لَا عَن طَرِيق فان قَالُوا ذَلِك عَن طَرِيق فَأَما أَن يكون نصا جليا أَو غير جلي أَو قِيَاسا أَو استنابطا وَلَو كَانَ فِي ذَلِك نَص لاحتج بِهِ بَعضهم ليقيم عذر نَفسه وليرد غَيره عَن خطئه هَذِه عَادَة من قَالَ قولا خَالفه فِيهِ من يقْصد مباحثته وَطلب الْحق مِنْهُ وَلِأَنَّهُم كَانُوا يعظمون مُخَالفَة نُصُوص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جليها وخفيها فَلَو كَانَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك نَص مُخَالف لبَعض هَذِه الْأَقَاوِيل لكَانَتْ كراهتهم لمُخَالفَته تَدْعُو إِلَى إِظْهَاره سِيمَا إِن كَانَ جليا وَأَيْضًا محَال من جِهَة الْعَادَات فِي عدد كثير يهتمون بِنَقْل كَلَام من يعظمونه حَتَّى ينقلوا مَا لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم شَرْعِي أَن يهملوا إِظْهَار مَا اشتدت الْحَاجة إِلَيْهِ مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ حكم شَرْعِي وَوَقع فِي الِاخْتِلَاف وَيُفَارق ذَلِك ترك نقل مَا أَجمعُوا لأَجله لِأَن الْإِجْمَاع حجَّة وَقد أغْنى عَن الْخَبَر وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا وَقع الِاخْتِلَاف وَلَو أظهرُوا النَّص لاحتجوا بِهِ ولكان خوضهم فِيهِ يمْنَع من أَن ينكتم وَلَا ينْقل وَلَو نقل لعرفه الْفُقَهَاء مَعَ فحصهم عَن السّنَن ولسنا نجد فِي الشَّرِيعَة نصا فِي ذَلِك فان قَول الله عز وَجل {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِنَّمَا هُوَ منع من