التَّحْرِيم وَلَيْسَ فِيهِ مَا حكمه
فان قَالُوا وَلَو كَانُوا قاسوا هَذِه الْمَسْأَلَة على غَيرهَا لصرحوا بِالْعِلَّةِ قيل لَا يجب ذَلِك بل يَكْفِي التَّنْبِيه على الْعلَّة وَقد نبه كل مِنْهُم على الْقيَاس وَالْعلَّة لِأَن من قَالَ إِنَّه طَلَاق ثَلَاث جعل مُطلق التَّحْرِيم يَقْتَضِي غَايَة التَّحْرِيم ثمَّ ألزمهُ هَذَا الحكم قِيَاسا على طَلَاق الثَّلَاث من حَيْثُ كَانَ كل وَاحِد مِنْهَا يُفِيد غَايَة التَّحْرِيم وَمن جعله طَلْقَة وَاحِدَة اعْتبر أقل مَا يثبت مَعَه التَّحْرِيم وقاسه على الطَّلقَة الْوَاحِدَة بعلة ان كل وَاحِد مِنْهَا يتَنَاوَل أقل التَّحْرِيم وَمن جعله إِيلَاء اعْتبر أَن الزَّوْج قد منع نَفسه بِهَذَا القَوْل عَن وَطئهَا وَمن جعله ظِهَارًا أجراه مجْرى الظِّهَار من قبل أَنه يُفِيد التَّحْرِيم بِلَفْظ لَيْسَ بِلَفْظ طَلَاق وَلَا إِيلَاء
وَإِذا كَانَ هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ مُمكنا وَلم يُمكن ذكر نَص وَلَا أَنهم قَالُوا بِغَيْر طَرِيق وَجب الْقطع على أَنهم أَرَادوا مَا ذَكرْنَاهُ أَو مَا يجْرِي مجْرَاه من التَّشْبِيه
وَأَيْضًا فان النَّاس قد يقتصرون على الْفَتْوَى فِي كَلَامهم وَيعلم السَّامع الْوَجْه الدَّال على الْفَتْوَى من نفس الْفَتْوَى أَلا ترى أَن النَّاس قد يشيرون فِي الْحَرْب بآراء ويجرون الشَّيْء مجْرى غَيره وَلَا يصرحون بِذكر الشّبَه فَيعلم وَجه التَّشْبِيه بَيَان ذَلِك أَن رَئِيس الْجَيْش لَو امْر مرّة بِضَرْب رِقَاب من يتحسس عَلَيْهِ لعَدوه قصدا مِنْهُ إِلَى زجر من يتحسس عَلَيْهِ ثمَّ أحسن مرّة إِلَى من يتحسس عَلَيْهِ استمالة مِنْهُ لَهُم ليدلوه على عَورَة عدوه ثمَّ ظهر مرّة ثَالِثَة على آخَرين ينقلون اخباره على عدوه فَقَالَ بَعضهم اقتلهم كَالَّذِين قَتلهمْ وَقَالَ آخَرُونَ أحسن إِلَيْهِم كَالَّذِين أَحْسَنت إِلَيْهِم لعلم أَن هَؤُلَاءِ لحظوا استمالتهم ليدلوه على عَورَة عدوه واولئك قصدُوا زجر غَيرهم عَن التحسس عَلَيْهِ فَكَذَلِك مَا ذكرنَا عَن السّلف رَضِي الله عَنْهُم
فان قيل هلا وَجب أَن يصرحوا وَلَا يقتصروا فِيهَا على التَّنْبِيه كَمَا وَجب