الْعُقَلَاء وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا ظن اندفاع مضرَّة لأجل أَمارَة صَحِيحَة وَأما إِذا شكّ فِي حُصُوله وَجه الْقبْح فِي الشَّيْء كشكه فِي كَون الْخَبَر كذبا فانه يقبح مِنْهُ فقد عمل فِي هَذَا الْموضع على الشَّك وَإِذا شكّ فِي الْحَدث بعد تَيَقّن الطَّهَارَة فمالك عمل على الشَّك فَأوجب الطَّهَارَة وَغَيره من الْفُقَهَاء عمل على الأَصْل وَلكُل وَجه فِي التَّعَبُّد فقد جَازَ الْعَمَل على الشَّك على بعض الْوُجُوه
وَمِنْهَا قَوْلهم لَو جَازَ التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ الشَّرْعِيّ لَكَانَ على علته أَمارَة وَلَا يجوز أَن تكون عَلَيْهَا أَمارَة فاذا لَا يجوز التَّعَبُّد بِهِ وَإِنَّمَا لم تكن على علته أَمارَة لِأَن الأمارة إِمَّا أَن تدل عَلَيْهَا الْعَادَات أَو النُّصُوص وكلامنا فِي قِيَاس لَيست علته وَلَا أمارتها مَنْصُوص عَلَيْهَا فَلم يجز أَن يكون النَّص طَرِيقا إِلَى أَمارَة الْقيَاس المستنبطة علته وَلما لم تكن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة ثَابِتَة بالعادات لم تكن عللها وأماراتها ثَابِتَة بالعادات يُقَال لَهُم وَلم لَا يجوز أَن يكون الطَّرِيق إِلَى ذَلِك تَنْبِيه الشَّرْع وعاداته لِأَن الشَّرْع يدل تصريحه وَقد يدل تنبيهه فاذا علمنَا أَن الحكم يثبت فِي الأَصْل عِنْد وصف وينتفي عِنْد انتفائه غلب على ظننا أَنه لأَجله ثَبت وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْوَصْف مؤثرا فِي جنس ذَلِك نَحْو الْبلُوغ الْمُؤثر فِي رفع الْحجر فِي المَال كَانَ اولى بِأَن يرفع الْحجر فِي النِّكَاح وَلَا شُبْهَة فِي حُصُول الظَّن عِنْد هَذِه الأمارات - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَنه كَانَ يجوز من جِهَة الْعقل أَن يتعبد الله الْأَنْبِيَاء بِالْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن اجْتِهَاد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِن أُرِيد بِهِ الِاسْتِدْلَال بالنصوص على مُرَاد الله عز وَجل فَذَلِك جَائِز لَا شُبْهَة فِيهِ وَإِن أُرِيد بِهِ الِاسْتِدْلَال بالأمارات الشَّرْعِيَّة فالأمارات الشَّرْعِيَّة ضَرْبَان أَخْبَار آحَاد وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالْآخر الأمارات المستنبطة الَّتِي يجمع بهَا بَين الْفُرُوع والاصول وَهَذَا هُوَ الَّذِي يشْتَبه الْحَال فِيهِ هَل كَانَ يجوز تعبد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَالصَّحِيح جَوَازه لِأَنَّهُ كَمَا يجوز فِي الْعقل أَن تكون مصلحتنا أَن نعمل باجتهادنا تَارَة