الْفَرْع يُؤَدِّي إِلَى إِلْحَاقه بِالْأَصْلِ وَلَيْسَ الحكم هُوَ فعلنَا بل كَون الْفِعْل وَاجِبا وقبيحا وَذَلِكَ مُتَصَوّر متوهم يُمكن النّظر فِي حُصُوله بِحَسب صفة من الصِّفَات وجد الْفِعْل أَو لم يُوجد
وَمِنْهَا قَوْلهم لَو جَازَ أَن يكون الْقيَاس صَحِيحا لَكَانَ حجَّة مَعَ النَّص الْجَواب أَن ذَلِك دَعْوَى وَمَعَ ذَلِك فَإِن أَرَادوا أَنه يكون حجَّة مَعَ النَّص على حكم الأَصْل فَكَذَلِك نقُول وَإِن أَرَادوا مَعَ النَّص على خلاف حكمه فِي الْفَرْع فقد بَينا القَوْل فِي ذَلِك فِي الْخَبَر الْوَارِد بِخِلَاف قِيَاس الاصول على انه لَا يمْتَنع أَن يكون حجَّة إِذا انْفَرد وَإِذا عَارضه النَّص كَانَ النَّص أولى مِنْهُ كَمَا أَن خبر الْوَاحِد حجَّة إِذا انْفَرد وَإِذا اجْتمع مَعَ الْخَبَر الْمُتَوَاتر وَمَعَ نَص الْقُرْآن كَانَا أولى وَإِن أَرَادوا النَّص على مثل حكمه فِي الْفَرْع فانا نجوز ذَلِك لِأَنَّهُ إِن كَانَ النَّص خبر وَاحِد فَهُوَ أَمارَة وَكَذَلِكَ الْقيَاس المطابق لَهُ وَإِن كَانَ النَّص خَبرا متواترا فَالْقِيَاس حجَّة فِي الْفَرْع بِمَعْنى أَنه لَو فَقدنَا النَّص الْمُتَوَاتر لوَجَبَ الحكم لمَكَان الْقيَاس
وَمِنْهَا أَنه لَو جَازَ التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ لجَاز أَن يتعبد بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَمن حَضَره ولصح بِهِ النّسخ الْجَواب أَن كل ذَلِك مجوز فِي الْعقل
وَمِنْهَا لَو جَازَ التَّعَبُّد بِتَحْرِيم شَيْء لظننا شُبْهَة بِأَصْل محرم جَازَ أَن نتعبد بِتَحْرِيمِهِ إِذا ظننا شُبْهَة بِالْأَصْلِ من غير أَمارَة أَو اعتقدنا شُبْهَة تنحيتا وَإِذا اشتهينا تَحْرِيمه وَإِذا اخترنا ذَلِك أَو شككنا فِي كَونه مشبها لَهُ لِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن تكون مصلحتنا أَن نَفْعل بِحَسب شهوتنا وشكنا واختبارنا الْجَواب أَن الْعَمَل بِالْقِيَاسِ مَبْنِيّ على مَا تقرر فِي الْعقل من حسن التَّصَرُّف فِي الدُّنْيَا بِحَسب ظن النَّفْع وانفاع الضَّرَر إِذا كَانَ الظَّن صادرا عَن امارة كَمَا تقرر حسن ذَلِك فِي الْعقل فقد تقرر فِيهِ قبح تحمل المشاق لأجل الشَّهَوَات والهوى وَالِاخْتِيَار وَلأَجل ظن لَا أَمارَة لَهُ وتقرر فِي الْعقل أَن الْإِقْدَام على الْفِعْل مَعَ الشَّك فِي مضرته لَا يحسن إِلَّا بعد الْبَحْث وَمَتى أقدم الْإِنْسَان من غير بحث ذمه