ترى أَن من يعْتَاد السَّهْو فِي صلَاته إِذا سَهَا فاليقين أَن يُعِيد صلَاته وَلَيْسَ الْيَقِين أَن يَبْنِي على الْأَقَل وَلَا أَن يتحَرَّى وَمَعَ ذَلِك لم تجب عَلَيْهِ الْإِعَادَة وَرُبمَا حققوا شبهتهم بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك وَالْجَوَاب أَن الْمُخَالف يَقُول إِذا حملت الْأَمر على النّدب فقد عدلت عَمَّا يريبني إِلَى الثِّقَة وَالْيَقِين وَلَا ريب فِي ذَلِك
دَلِيل آخر الْوُجُوب أَعم فَوَائِد الْأَمر لِأَنَّهُ يدْخل تَحْتَهُ الْحسن وَالْمَنْدُوب إِلَيْهِ وَاللَّفْظ يجب حمله على أتم فَوَائده وَلقَائِل أَن يَقُول وَلم يجب حمله على أتم فَوَائده فان قَالُوا لمَكَان الِاحْتِيَاط كَانَ الْكَلَام عَلَيْهِم مَا تقدم وَإِن قَالُوا ذَلِك قِيَاسا على الْعُمُوم قيل لَهُم وَمَا الْعلَّة الجامعة بَينهمَا وَيُقَال لَهُم إِن الْعُمُوم إِنَّمَا حمل على الِاسْتِغْرَاق لَيْسَ لِأَنَّهُ أَعم فَوَائده لَكِن لعلمنا بِأَنَّهُ مَوْضُوع للاستغراق فَقَط فَيَنْبَغِي أَن تبينوا أَن مَوْضُوع الْأَمر للْوُجُوب حَتَّى يتم لكم غرضكم على أَن النّدب على التَّحْقِيق لَيْسَ بداخل تَحت الْوُجُوب لِأَن الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي يسْتَحق الْمَدْح بِفِعْلِهِ وَلَا يسْتَحق الذَّم بالاخلال بِهِ وَلَيْسَ يجمع كلا الْأَمريْنِ للْوَاجِب
وَقد اسْتدلَّ من جِهَة الشَّرْع على أَن أوَامِر الله سُبْحَانَهُ وأوامر نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْوُجُوب بِوُجُوه مِنْهَا قَول الله سُبْحَانَهُ {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} الأية فحذر من مُخَالفَة أَمر نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتوعد عَلَيْهِ وَمُخَالفَة أمره هُوَ الْإِخْلَال بِمَا أَمر بِهِ فَوَجَبَ كَون الْإِخْلَال بِمَا أَمر بِهِ مَحْظُورًا وَهَذَا هُوَ وجوب فعل مَا أَمر بِهِ فاذا ثَبت ذَلِك فِي أوَامِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجب مثله فِي أوَامِر الله سُبْحَانَهُ لِأَن كل من قَالَ إِن الشَّرْع قد دلّ على أَن أوَامِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ على الْوُجُوب قَالَ إِن أوَامِر الله سُبْحَانَهُ على الْوُجُوب وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه عز وَجل حذر من مُخَالفَة أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ قَالَ {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} فَحَث