وَاجِب أَلا ترى أَنا إِذا حملناه على الْوُجُوب لم يخل الْمَأْمُور بِهِ إِمَّا أَن يكون وَاجِبا أَو ندبا فان كَانَ ندبا لم يضرنا فعله بل ينفعنا وَإِن كَانَ وَاجِبا أمنا الضَّرَر بِفِعْلِهِ وَإِذا حملناه على النّدب لم نَأْمَن أَن يكون وَاجِبا فنستضر تَركه وَلقَائِل أَن يَقُول أَنا قد علمت بِدلَالَة لغوية أَن الْأَمر مَا وضع للْوُجُوب وَعلمت أَن الْحَكِيم لَا يجوز أَن يجرده عَن قرينَة إِلَّا والمأمور بِهِ غير وَاجِب فَأَنا إِذا حَملته على النّدب أمنت الضَّرَر وَيَقُول أَيْضا لَيْسَ يَخْلُو الْمُسْتَدلّ إِمَّا أَن يكون عَالما بِأَن الْأَمر وضع للْوُجُوب أَو عَالما بِأَنَّهُ وضع للنَّدْب والإرادة أَو عَالما بِأَنَّهُ مُشْتَرك بَينهمَا أَو شاكا فِي مَوْضُوعه فان كَانَ عَالما بِالْوُجُوب فقد وَجب عَلَيْهِ حمله على الْوُجُوب لعلمه بِأَنَّهُ مَوْضُوع لَهُ لَا لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون قد عني بِهِ الْوُجُوب وَيَنْبَغِي أَن يدلنا على أَنه مَوْضُوع للْوُجُوب وَإِن كَانَ عَالما بانه للنَّدْب فَهُوَ آمن إِذا تجرد أَن يكون الْحَكِيم قد عني بِهِ الْوُجُوب وَإِن كَانَ عَالما بِأَنَّهُ مُشْتَرك بَين الْوُجُوب وَالنَّدْب فَلَيْسَ ذَلِك من قَوْلهم ويلزمهم إِن كَانَ كَذَلِك أَن يجْعَلُوا الْمُكَلف مُخَيّرا بَين حمله إِيَّاه على الْوُجُوب أَو على النّدب كَمَا يَقُوله بعض النَّاس فِي الِاسْم الْمُشْتَرك أَو يَقُول إِن الْحَكِيم للخلية من قرينَة كَمَا يَقُوله آخَرُونَ فِي الِاسْم الْمُشْتَرك وَأَن كَانَ شاكا فِي مَوْضُوع الْأَمر فالاحتياط يَقْتَضِيهِ أَن يفحص عَن مَوْضُوعه حَتَّى إِذا عرفه حمل خطاب الْحَكِيم عَلَيْهِ وَيكون آمنا من الضَّرَر على أَن كلا منا إِنَّمَا هُوَ فِي مَوْضُوع الْأَمر مَا هُوَ فِي اللُّغَة وَإِيجَاب حمله على الْوُجُوب لأجل الِاحْتِيَاط لَا يدل على أَنه مَوْضُوع لَهُ فِي اللُّغَة على أَن من حمل الْمَأْمُور بِهِ على الْوُجُوب عُدُولًا عَن الِاحْتِيَاط من وُجُوه لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن إِذا اعْتقد وُجُوبه أَن يكون ندبا فَيكون اعْتِقَاد وُجُوبه جهلا وَتَكون نِيَّة الْوُجُوب قبيحة وكراهته لأضداده قبيحة وَأما وجوب إِعَادَة الصَّلَوَات الْخمس إِذا ترك الْإِنْسَان وَاحِدَة مِنْهَا لَا يدْرِي مَا هِيَ فلَان الْوَاجِب غير متميز من غَيره وَلَيْسَ كَذَلِك مَوْضُوع الْأَمر لِأَنَّهُ يُمكن أَن يعرف مَا مَوْضُوعه وَيعلم أَن الْحَكِيم يجب فِي حكمته أَن يُعينهُ دون غَيره وعَلى أَن الْعلم على الْيَقِين غير مُسْتَمر وُجُوبه أَلا