بذلك على الرُّجُوع إِلَى أَقْوَاله ثمَّ عقب ذَلِك بقوله {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} فَعلمنَا أَنه بعث بذلك على الْتِزَام مَا كَانَ دَعَا إِلَيْهِ من الرُّجُوع إِلَى أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَو ثَبت أَن الْهَاء فِي أمره رَاجِعَة إِلَى اسْم الله لدل على وجوب الرُّجُوع إِلَى أوَامِر الله سُبْحَانَهُ وَفِي ذَلِك وجوب مأمورها وَثَبت مثله فِي أوَامِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن أحدا مَا فرق بَينهمَا وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن مُخَالفَة أمره هُوَ الْإِخْلَال بمأموره لِأَن الْمُخَالفَة ضد الْمُوَافقَة وموافقة القَوْل هُوَ فعل مَا يطابقه وَمَعْلُوم أَن مُوَافقَة قَول الْقَائِل لغيره افْعَل هُوَ أَن يفعل فَيجب أَن تكون مُخَالفَته هُوَ أَن لَا يفعل إِن قيل مُخَالفَة القَوْل هُوَ الْإِقْدَام على مَا يحظره القَوْل وَيمْنَع مِنْهُ فَيجب أَن تبينوا أَن الْإِخْلَال بالمأمور بِهِ يحظره القَوْل حَتَّى يدْخل فِي الاية وَإِذا بينتم ذَلِك فقد تمّ غرضكم من أَن الْأَمر يَقْتَضِي الْوُجُوب قيل لَيْسَ نحتاج فِي أَن نعلم أَن الْإِخْلَال بالمأمور بِهِ مُخَالفَة الْأَمر إِلَى مَا ذكرْتُمْ بل يمكننا أَن نعلم ذَلِك بِمَا قُلْنَاهُ من أَن الْمُخَالفَة ضد الْمُوَافقَة وموافقة الْأَمر هُوَ فعل الْمَأْمُور بِهِ وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم نَكُنْ قد بَينا الدّلَالَة على مَوضِع الْخلاف إِن قيل مُخَالفَة الْأَمر هُوَ الرَّد على فَاعله واتهامه فِي القَوْل وموافقته هُوَ الثِّقَة بِهِ وَترك الرَّد عَلَيْهِ قيل مُوَافقَة القَوْل هُوَ الْإِقْدَام على مطابقته ومخالفته هُوَ ترك مطابقته وَالرَّدّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأله وَترك الثِّقَة بِهِ هُوَ مُخَالفَة للدليل الْمُوجب لاعتقاد الثِّقَة بِهِ وَلَيْسَ هُوَ مُخَالفَة لِلْأَمْرِ لِأَن الْأَمر لَا يدل على أَنه غير مُتَّهم فِي أَقْوَاله بل الْعلم بذلك يسْبق الِاسْتِدْلَال بأَمْره وَكَذَلِكَ الثِّقَة بِهِ هُوَ مُوَافقَة دَلِيل الثِّقَة بِهِ لَا الْأَمر بِالْفِعْلِ إِن قيل لَو كَانَ الْإِخْلَال بالمأمور بِهِ مُخَالفَة لِلْأَمْرِ لَكنا إِذا لم نَفْعل النَّوَافِل الْمَأْمُور بهَا مخالفين لأمر الله وَفِي ذَلِك كوننا مخالفين لله سُبْحَانَهُ إِذا أخللنا بالنافلة قيل إِنَّمَا لم نَكُنْ مخالفين للامر بالنافلة لِأَن الْأَمر بالنافلة فِي تعذر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأولى أَن تَفعلُوا كَذَا وَكَذَا