لم يفده الْأَمر لم يكن لَهُ لفظ وَلقَائِل أَن يَقُول وَكَون الْفِعْل على صفة زَائِدَة على حسنه أَو كَون الْفِعْل مرَارًا مَعْقُول لَهُم وَالْحَاجة تمس إِلَى الْعبارَة عَنهُ فَلَو لم يكن الْأَمر مَوْضُوعا لَهُ لم يكن لَهُ لفظ فان قَالُوا الْأَمر مَوْضُوع لذَلِك قيل وَغير الْأَمر مَوْضُوع للْإِيجَاب وَهُوَ قَول الْقَائِل ألزمت وأوجبت وحتمت
دَلِيل آخر الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن صده والإخلال بِهِ وَالنَّهْي يَقْتَضِي حظر الْمنْهِي عَنهُ فَوَجَبَ حظر الْإِخْلَال بالمأمور بِهِ وَفِي ذَلِك وجوب الْمَأْمُور بِهِ وَلقَائِل أَن يَقُول مَا تُرِيدُونَ بقولكم إِن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن الْإِخْلَال بِهِ فان قَالُوا إِن صورته صُورَة الْمنْهِي كَانَ الْحس يشْهد بِخِلَاف ذَلِك وَإِن قَالُوا إِنَّه نهي فِي الْمَعْنى قيل لَهُم مَا ذَلِك الْمَعْنى فان قَالُوا هُوَ أَن الْأَمر يَقْتَضِي أَن يفعل الْمَأْمُور بِهِ لَا محَالة قيل لَهُم بينوا ذَلِك وَهُوَ الدَّلِيل الأول وَإِن قَالُوا هُوَ أَن الْأَمر بالشَّيْء يَقْتَضِي الْإِرَادَة والإرادة للشَّيْء كَرَاهَة ضِدّه أَو لَا بُد من أَن تقترن بهَا كَرَاهَة الضِّدّ إِمَّا من جِهَة الصِّحَّة أَو من جِهَة الْحِكْمَة وَمن كره أضداد الشَّيْء فقد ألزم ذَلِك الشَّيْء قيل لكم هَذَا بَاطِل بالنوافل لِأَن الله سُبْحَانَهُ قد أرادها منا وَلذَلِك نَكُون مُطِيعِينَ لَهُ بِفِعْلِهَا وَلَيْسَ بكاره لتركها واضدادها فان قَالُوا معنى ذَلِك أَن الْأَمر يَقْتَضِي إِرَادَة فعل الْمَأْمُور بِهِ على جِهَة الْإِيجَاب قيل لَا معنى لكَون الْحَيّ مرِيدا للْفِعْل على جِهَة الْإِيجَاب إِلَّا أَنه أَرَادَهُ وَكره تَركه وَقد تقدم إبِْطَال ذَلِك وَلَو كَانَت الْإِرَادَة تتَنَاوَل الشَّيْء على جِهَة الْإِيجَاب لوَجَبَ عَلَيْكُم أَن تدلوا على أَن الْأَمر يَقْتَضِي هَذِه الْإِرَادَة حَتَّى يتم دليلكم وَمَتى دللتم على ذَلِك تمّ غرضكم قيل القَوْل إِن النَّهْي إِذا اقْتضى قبح أضداد الشَّيْء فقد وَجب ذَلِك الشَّيْء وَإِن قَالُوا معنى ذَلِك أَن لَفْظَة الْأَمر تَدْعُو إِلَى فعل الْمَأْمُور بِهِ وتحظر الْإِخْلَال بِهِ قيل لَهُم بينوا ذَلِك وَقد تمّ غرضكم وَنحن قد بَينا ذَلِك من قبل
دَلِيل آخر الْأَمر إِذا حمل على الْوُجُوب كَانَ أحوط وَالْأَخْذ بالأحوط