يكن فِي اللَّفْظ ذكر للْمَنْع من الْإِخْلَال بِالْفِعْلِ وَجب نفي الْوُجُوب وَفِي نَفْيه إِثْبَات النّدب فان قُلْتُمْ لَفْظَة افْعَل يمْنَع من الْإِخْلَال بِالْفِعْلِ قيل لكم بينوا ذَلِك وَقد تمّ غرضكم من غيرحاجة مِنْكُم إِلَى هَذِه الْقِسْمَة
دَلِيل آخر أجمع الْمُسلمُونَ على أَن الله عز وَجل أوجب علينا الصَّلَاة بقوله {أقِيمُوا الصَّلَاة} وَأَجْمعُوا على أَن ذَلِك لَيْسَ بمجاز فَلَو لم يكن الْأَمر للْوُجُوب بل كَانَ للإدارة أَو النّدب لَكَانَ الْمُسْتَعْمل لَهُ فِي الْوُجُوب قد أَرَادَ بِهِ الْفِعْل وَكره بِهِ تَركه وَفِي ذَلِك اسْتِعْمَاله فِيمَا لم يوضع لَهُ لِأَن معنى اسْتِعْمَال الْأَمر فِي الْوُجُوب هُوَ أَنه كره تَركه وَلَو أَن أهل اللُّغَة اضطروا من الْقَائِل لغيره افْعَل إِلَى أَنه قد كره مِنْهُ ترك الْفِعْل لما سبق إِلَى أَنه يجوز بِالْأَمر وَلقَائِل أَن يَقُول أَنا من الْمُسلمين وَلَا أَقُول إِن الله أوجب الصَّلَاة بقوله أقِيمُوا الصَّلَاة وَإِنَّمَا اسْتعْمل ذَلِك فِيمَا وضع لَهُ وَهُوَ إِرَادَة الصَّلَاة وَإِنَّمَا كره تَركهَا بِدَلِيل الْوُجُوب من وَعِيد وَغَيره فَكيف يمكنكم ادِّعَاء الاجماع مَعَ خلافي لكم مَعَ طائفتي فِي ذَلِك وَلَا أسلم قَوْلكُم إِن أهل اللُّغَة لَو علمُوا أَن الْقَائِل لغيره افْعَل قد كره مِنْهُ ترك الْفِعْل بِالْأَمر مَا نسبوه إِلَى أَنه مُسْتَعْمل فِي غير مَا وضعت لَهُ
دَلِيل آخر قَول الْقَائِل لَا تفعل يَقْتَضِي الِامْتِنَاع من الْفِعْل لَا محَالة وَيمْنَع من فعله فَكَانَ قَوْله افْعَل يَقْتَضِي أَن يفعل وَلَا يرخص لَهُ فِي تَركه والمخالف يَقُول إِنِّي لَا أستفيد تَحْرِيم الْمنْهِي عَنهُ من لفظ النَّهْي إِلَّا بتوسط الْكَرَاهَة إِمَّا لِأَن لفظ النَّهْي مَوْضُوع لَهَا وَإِمَّا لِأَن الناهي لَا يُنْهِي إِلَّا عَمَّا يكره والحكيم لَا يكره من غَيره إِلَّا الْقَبِيح فان ثَبت أَن الناهي يُنْهِي عَمَّا لَا يكره لم يدل مُجَرّد النَّهْي على تَحْرِيم الْمنْهِي عَنهُ
دَلِيل آخر الْإِيجَاب مَعْقُول لأهل اللُّغَة وتمسهم الْحَاجة إِلَى الْعبارَة عَنهُ فَلَو