المعتمد (صفحة 415)

وَاجِبَة فِي كل مَكَان على الْبَدَل على مَا كَانَت عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حرم التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَصَارَ التَّوَجُّه مَنْسُوخا وإجزاء الصَّلَاة إِلَى بَيت الْمُقَدّس ووجوبها مرتفعا دون مَا سوى ذَلِك فَأَما نسخ صَوْم عَاشُورَاء فَهُوَ نسخ للصَّوْم لِأَنَّهُ لم يجب الصَّوْم إِلَّا فِي ذَلِك الْيَوْم نَفسه وَرفع وُجُوبه فِيهِ رفع لوُجُوبه على الْإِطْلَاق لِأَنَّهُ لم يبْق وَقت آخر كَانَ الصَّوْم وَاجِبا فِيهِ فَيبقى وُجُوبه فِيهِ وَيجْرِي مجْرى أَن يجب علينا صَلَاة فِي مَكَان مَخْصُوص ثمَّ يُقَال لنا لَا تصلوا فِيهِ فِي أَنه لَا يبْقى علينا صَلَاة وَاجِبَة وَكَذَلِكَ لَو قيل لنا لَا تصلوا فِي هَذَا الْيَوْم وصلوا فِي يَوْم آخر لكَانَتْ الصَّلَاة الأولى قد نسخت وَإِنَّمَا كوجه إِلَيْنَا إِيجَاب عبَادَة أُخْرَى بِأَمْر آخر فَكَذَلِك نسخ صَوْم عَاشُورَاء برمضان وَإِذا كَانَت جملَة الصَّوْم قد سَقَطت لم تبْق شُرُوطه وَلم يجب أَن تكون شُرُوط الصَّوْم الثَّانِي هِيَ شُرُوط الصَّوْم الْمَنْسُوخ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع اخْتِلَاف الْعِبَادَات فِي الشُّرُوط

واما قَول الشَّيْخ أبي الْحسن إِن النّسخ يتَنَاوَل الْوَقْت فَلَا يَصح ظَاهره لِأَن النّسخ يرفع أَحْكَام الْأَفْعَال دون الْأَوْقَات - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الطَّرِيق إِلَى معرفَة كَون الحكم مَنْسُوخا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن الطَّرِيق إِلَى ذَلِك شَيْئَانِ احدهما لفظ النّسخ وَالْآخر التأريخ مَعَ التَّنَافِي أما لفظ النّسخ فقد يتَنَاوَل الْمَنْسُوخ وَقد يتَنَاوَل النَّاسِخ أما الأول فنحو أَن يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْعِبَادَة مَنْسُوخَة وَأما الثَّانِي فَكَمَا قيل إِن صَوْم شهر رَمَضَان نسخ صَوْم عَاشُورَاء وَأما التَّارِيخ مَعَ التَّنَافِي فَهُوَ أَن يتنافى الحكمان بَان يكون أَحدهمَا نفيا للْآخر أَو بِأَن يتضادا

مِثَال التَّنَافِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنت قد نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور أَلا فزوروها وَنَحْو قَوْله لَا وَصِيَّة لوَارث وَقَول الله عز وَجل {الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015