المعتمد (صفحة 414)

وَعند قَاضِي الْقُضَاة أَن نسخ شَرط مُنْفَصِل من شَرَائِط الْعِبَادَة لَا يكون نسخا لِلْعِبَادَةِ فنسخ الْوضُوء لَا يكون نسخا للصَّلَاة وَنسخ جُزْء من أَجزَاء الصَّلَاة يكون نسخا للصَّلَاة وَقَالَ إِن نسخ التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس هُوَ نسخ للصَّلَاة وَعِنْدنَا أَن نسخ الشَّرْط الْمُنْفَصِل كنسخ الة وضوء لَو كَانَ نسخا للصَّلَاة لم يخل إِمَّا أَن يكون نسخا لصورة الصَّلَاة وَهَذَا محَال لِأَن النّسخ يرفع الْأَحْكَام دون صُورَة الْأَفْعَال وَإِمَّا أَن يكون نسخا لحكم من احكام الصَّلَاة إِمَّا وُجُوبهَا أَو إجزائها وَكَونهَا عبَادَة أَو نفي إجزائها مَعَ فقد الْوضُوء وَمَعْلُوم أَن وجوب الصَّلَاة وَكَونهَا مجزئة وَعبادَة لَا يَزُول وَإِن زَالَ وجوب الْوضُوء وَأما نفي الْإِجْزَاء مَعَ فقد الطَّهَارَة فقد زَالَ وَذَلِكَ لِأَن الصَّلَاة مَا كَانَت تجزىء بِلَا طَهَارَة فَلَو نسخ وجوب الطَّهَارَة لَصَارَتْ تجزىء وارتفع نفي إجزائها وَذَلِكَ تَابع لسُقُوط وجوب الطَّهَارَة فان أَرَادَ الْإِنْسَان بقوله إِن نسخ الْوضُوء يَقْتَضِي نسخ الصَّلَاة هَذَا الْمَعْنى فَصَحِيح لَكِن الْكَلَام موهم لِأَن إِطْلَاق القَوْل بِأَن الصَّلَاة مَنْسُوخَة هُوَ أَنه قد خرجت عَن الْوُجُوب أَو عَن أَن تكون عبَادَة وَاحْتج قَاضِي الْقُضَاة لقَوْله إِن نسخ الشَّرْط الْمُنْفَصِل لَا يكون نسخا لِلْعِبَادَةِ بِأَن الشَّرْط تَابع للمشروط ونسخخه لَا يكون نسخا للمتبوع وَلِهَذَا لم يكن نسخ طَهَارَة بعض الْمِيَاه نسخه للصَّلَاة وَأما نسخ جُزْء من الْعِبَادَة كنسخ رَكْعَة من الصَّلَاة فَإِنَّهُ لَيْسَ بنسخ لباقي الرَّكْعَات لِأَن النّسخ لَا يتَنَاوَل صُورَة الْفِعْل وَلَا هُوَ نسخ لوُجُوب الرَّكْعَات وَلَا لكَونهَا شَرْعِيَّة مجزئة لِأَن ذَلِك بَاقٍ لم يرْتَفع لكنه رفع لوُجُوب تَأْخِير التَّشَهُّد وَرفع لنفي إجزائها من دون الرَّكْعَة لِأَن قبل النّسخ مَا كَانَ يجوز الصَّلَاة من دون هَذِه الرَّكْعَة وَإِن كَانَت الرَّكْعَة لما نسخت وأوجبت علينا أَن تخلى الصَّلَاة مِنْهَا كَانَ قد ارْتَفع إِجْزَاء الصَّلَاة إِذا فعلناها مَعَ الرَّكْعَة المنسوخة وإجزاء الصَّلَاة مَعَ الرَّكْعَة قد كَانَ حكما شَرْعِيًّا فَجَاز أَن يكون رَفعه نسخا فَأَما التَّوَجُّه نَحْو الْقبْلَة فِي الصَّلَاة فَهُوَ هَيْئَة من هيئاتها لِأَن الْوَاجِب مِنْهُ مَا قَارن التَّكْبِيرَة وَمَا بعْدهَا دون مَا قبلهَا فنسخه لَا يكون نسخا للصَّلَاة وصفاتها وشروطها لِأَن الصَّلَاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015